[أهل البيت $ صفوة الله في كل أوان، وحملة الحجة في كل زمان]
  تَعَلَّلَ به من الأَعذار، ولم يَنْفَعْه ما سَلَفَ له من السَّوَابق الكبار، وقد عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلافِ سَنَةٍ لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِّي الدنيا أَمْ مِنْ سِنِّي الآخِرَةِ، كما قال الوصي ~.
  فبطل ذلك كله، واضمحل دِقُّه وجِلُّه(١) باستكباره عن امتثال أمرٍ واحد.
  قال أمير المؤمنين ~: (فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ، كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ الجنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ - أي مع أمر - أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكًا، وَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ في أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الأَرْضِ لَوَاحِدٌ، وَمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوادَةٌ في إِبَاحَةِ حِمَىً حَرَّمَهُ عَلَى العَالَمِينَ). انتهى.
[أَهْلُ البيتِ $ صَفْوَةُ اللهِ في كل أَوان، وحَمَلَة الْحُجَّةِ في كلِّ زمان]
  هذا، وليس المقصود بما أَثبته اللَّهُ تعالى لأهل بيت نبيئه ÷ من لم يكونوا من المعاصرين، ولم ينتظموا في سلك الحاضرين، كلَّا فإنهم صَفْوَةُ اللَّهِ تعالى في كلِّ أَوَان، وحَمَلَةُ حُجَّتِهِ في كلِّ زَمَان، كما أفادتْهُ نصوصُ السُّنَّة، ومُحْكَمُ القرآن(٢): «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ...»، «كُلَّمَا أَفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ ...»، «إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِي يُكَادُ بها الإِسْلَامُ وَلِيًّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُعْلِنُ الْحَقَّ وَيُنَوِّرُهُ، وَيَرُدُّ كَيْدَ الكَائِدِينَ، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ»، «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْه تَحْرِيفَ الغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الجَاهِلِينَ»(٣)، إلى ما لا يُحْصَى كَثْرَةً كتابًا وسُنَّةً.
  وقد مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ في سَالِفِ الأُمَم من عِصيانِ أَكْثَرِ الخلق للأَنبياء،
(١) «الدَّقِيقُ ضِدُّ الْغَلِيظِ، وَكَذَا (الدُّقَاقُ) - بِالضَّمِّ -. وَقَوْلُهُمْ: أَخَذَ جِلَّهُ وَدِقَّهُ أَيْ كَثِيرَهُ وَقَلِيلَهُ». بتصرف من (المختار).
(٢) {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ٣٣}[الأحزاب]، {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ}. تمت حاشية على الأصل.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (المسنَد) (ص/٣٨٣)، ط: (دار مكتبة الحياة)، ورواه الإمام عبدالله بن حمزة # في الشافي (٣/ ٥٠٦) ط مكتبة أهل البيت (ع) بلفظ: «إن عند كل خلف من أهل بيتي عدول موكلون، ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».