مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[استدلال الجمهور بكثرة المخصصات في العمومات العملية، والجواب عنه]

صفحة 59 - الجزء 1

  يَثْبُتْ له عِمَادٌ ولا قَرَار.

[استدلال الجمهور بكثرة المخصصات في العمومات العَمَلية، والجواب عنه]

  واستدلوا: بأنَّهَا كَثُرَت الْمُخَصِّصَاتُ في العموماتِ العَمَلِيَّة، والظنُّ يَكفي في العَمَل.

  والجواب: أنَّ الكثرةَ لا تُخْرِجُهَا عن القطعية كما أسلفنا، عَلَى أنَّه لازِمٌ لهم في العِلْمِيَّة، وهم لا يقولون به.

  وأَمَّا كَوْنُهَا في العَمَليَّات، والظنُّ يَكفي في العَمَل، فإنَّهَا وإنْ سُلِّمَ أنَّه يَكفي فيها الظنُّ فلا يَقتضي أَنْ تكونَ أَدِلَّتُهَا كُلُّهَا ظنيةً عَلَى سَنَن، بل العَمَل بالظَّنِّ مَقصورٌ عليها قَصْرَ الصِّفَةِ عَلَى الموصوف⁣(⁣١)، وليست مَقصورةً عليه⁣(⁣٢) كما ذلك معروف.

[الاستدلال بعدم تخصيص كثير من أئمتنا $ للعمومات المتواترة، وعدولهم إلى تأويل الخاص]

  ومما يَعْضدُ هذا المذهبَ ويُقَوِّيه، ويَشْهَدُ له بالْمَتَانَةِ عند ناظريه أَنَّ كثيرًا من أَئمتنا $ يَتَأَوَّلُ الأَخبارَ الخاصَّةَ، ويَتْرُكُ عُمومَ الكتابِ عَلَى بابِهِ مع إِمْكَانِ التخصيص.

  والقاعدة: أَنَّ تخصيصَ العَامِّ أَوْلَى مِنْ تأويلِ الخاصِّ.

  من ذلك: حديثُ الخضروات في الزكاة⁣(⁣٣).

  قال الإمامُ المؤيد بالله # في (شرح التجريد)⁣(⁣٤) بعد أَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى القليلِ الذي لا تجبُ فيه الزكاة: «فإنْ قِيلَ: مَا أَنْكَرْتُم عَلَى مَنْ قَالَ لَكُمْ إِذَا اسْتَعْمَلْتُم الخَبَرَينِ - أعني: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ»، وقولَهُ: «لَيْسَ فِي الخُضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ» -، بِأَنْ جَعَلْتُم حَدِيثَ الْخُضْرَوَاتِ خَاصًّا، وَبَقَّيْتُم قَوْلَهُ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ» عَلَى عُمُومِهِ إِلَّا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي ذَكَرْتُم، ... ،.


(١) لا عَمَلَ بالظنِّ إلاَّ في الآحادِ.

(٢) وليست العمليات مقصورة على الظن؛ لأن بعضها قطعي.

(٣) روى الإمامُ الأعظم زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ في مجموعه الشريف (ص/١٩٦) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ $ قَالَ: «لَيْسَ فِي الْخُضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ».

(٤) شرح التجريد (٢/ ١٠١).