[بحث في القضاء والقدر]
  القَلِيلِ، فَلَا يَذْكُرُهَا ذَاكِرٌ، كَأَنَّهُ امْتِثَالٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ}[الشورى: ٢٣]، وَلِقَوْلِهِ ÷: «أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» ثَلاَثًا، كَمَا أَخْرَجَهُ فِي خَبَرِ الثَّقَلَيْنِ بِهَذَا اللَّفْظِ: أَحْمَدُ(١)، وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ(٢)، وَأَبُو دَاودَ(٣)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ(٤)، وَغَيْرُهُم(٥).
  فَهَذِهِ هِيَ الْمِيزَةُ الَّتِي امْتَازَ بِهَا هَذَا الْكِتَابُ مِنْ كُتُبِهِمْ هَذِهِ الْحَدِيثَةِ.
  وَلِأَجْلِ هَذَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الإِقْبَالُ؛ لِغَرَابَةِ صُدُورِهِ مِمَّنَ صَدَرَ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ دَسَّ فِيهِ سُمُومَ حَيَّاتٍ وَعَقَارِب.
  مِنْهَا: تَصْرِيحُهُ بِالْجَبْرِ، كَمَا فِي (صفحة - ١٥٧)، حَيْثُ جَعَلَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ السِّبْطِ # بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَمَحَبَّتِهِ، الَّذِي يَجِبُ الإِيمَانُ بِهِ وَالرِّضَاءُ بِهِ.
  وَيَقْصِدُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ: الْخَلْقَ، كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ الْمُجْبِرَةِ.
[بحث في القضاء والقَدَرِ]
  قَالَ فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ (١٥٧): وَلْيَكُنْ لَنَا مِنْ صِدْقِ الإِيمَانِ، وَأَدَبِ التَّفْوِيضِ، مَا يَجْعَلُنَا رَاضِينَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ. إِلَى قَوْلِهِ: وَلَو شَاءَ اللَّهُ مَا وَقَعَ شَيءٌ عَلَى خِلَافِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ. إِلَى آخِرِهِ.
  فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا يَجِبُ الرِّضَا بِمَا جَرَى مِنْ إِبْلِيسَ وَأَتْبَاعِهِ، وَبِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَمَعَاصِيهِ؛ لِأَنَّهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ.
  وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْكُفْرِ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فَإِنَّ الرِّضَاءَ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، وَالْمَحَبَّةَ
(١) مسند أحمد (٤/ ٤٤٨)، رقم (١٩٢٨٥)، عن زيد بن أرقم.
(٢) صحيح مسلم (٤/ ١٤٩٢)، رقم (٢٤٠٨).
(٣) سنن أبي داود (٤/ ٢٩٤) رقم (٤٩٧٣) - مختصرًا. قال الألباني: «صحيح».
(٤) المنتخب من مسند عبَدْ بن حُميد (١/ ١١٤)، رقم (٢٦٥)، ط: (عالم الكتب).
(٥) سنن النسائي الكبرى (٥/ ٥١) رقم (٨١٧٥)، سنن الدارمي (٢/ ٣٢١ - ٣٢٢) رقم (٣٣١٦)، صحيح ابن خزيمة (٤/ ٦٢) رقم (٢٣٥٧)، صحيح ابن حبان (١/ ٣٣٠) رقم (١٢٣)، ابن جرير الطبري كما ذكره في (كنْز العمال) (١٣/ ٦٤٠ - ٦٤١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ١٤٨)، وغيرهم.