مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[بحث في نفي الرؤية عن الله تعالى]

صفحة 411 - الجزء 1

مع العامري في بهجة المحافل

[بحث في نفي الرؤية عن الله تعالى]

  (١) من (صفح/١٣١) (ج ١)⁣(⁣١)، قوله: «وَرَأى رَسُولُ اللَّهِ ÷ رَبَّهُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ بِعَيْنَي رَأْسِهِ».

  قُلْتُ: اعْلَمْ أَنَّ الرُّؤيَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْتَّكْيِيفِ مُمْتَنِعَةٌ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالاتِّفَاقِ بَيْنَ الْعَدْلِيَّةِ وَغَيْرِهِم.

  وَالَّذِينَ أَثْبَتُوهَا مِنَ الأَشْعَرِيَّةِ يَقُولُونَ: بِلَا كَيْف، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ (الْكَشَّافِ) رَادًّا عَلَيْهِم⁣(⁣٢):

  وَجَمَاعَةٌ سَمَّوا هَوَاهُمْ سُنَّةً ... وَجَمَاعَةٌ حُمْرٌ لَعَمْرِي مُوكَفَهْ

  قَدْ شَبَّهُوهُ بِخَلْقِهِ، وَتَخَوَّفُوا ... شُنْعَ الوَرَى، فَتَسَتَّرُوا بِالْبَلْكَفَهْ

  أَيْ قَالُوا: بِلَا كَيْف.

  وَالإِدْرَاكُ بِعَيْنَي الرَّأْسِ أَوْ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ قَطْعًا، عَقْلًا وَشَرْعًا.

  أَمَّا الْعَقْلُ: فَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ رُؤيَةُ غَيْرِ الْجِسْمِ وَالْعَرَضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَى إِلَّا الْمُقَابِلُ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْمُقَابِلِ، وَهْوَ مَا فِي الْمَاءِ أَو الْمِرْآةِ.

  وَالْمُقَابَلَةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا تَقْتَضِي: الْمَكَانَ وَالتَّكْيِيفَ، وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ الأَجْسَامِ وَالأَعْرَاضِ الْمُسْتَوْجِبَةِ لِلْحُدُوثِ.

  وَلَو كَانَ يُرَى فِي حَالٍ لَرَأَيْنَاهُ جَلَّ وَعَلَا فِي الحَالِ؛ إِذ الحَوَاسُّ سَلِيمَةٌ،


(١) من طبعة (المكتبة العلمية بالمدينة المنورة) الناشر (محمد سلطان النمنكاني)، وهو في (ط ١) (١/ ١٥١) ط: (دار الكتب العلمية).

(٢) في الكلام على قوله تعالى {لَن تَرَىٰنِي}، من (سورة الأعراف).