مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[ادعاء صاحب الرسالة أن هذا وأمثاله صيانة لحمى التوحيد، والجواب عليه]

صفحة 139 - الجزء 1

[ادّعاء صاحب الرسالة أن هذا وأمثاله صيانة لحمى التوحيد، والجواب عليه]

  قَالَ: «فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ النَّبِيِّ ÷ صِيَانَةٌ لِحِمَى التَّوْحِيدِ أَنْ يَلْحَقَهُ الشِّرْكُ وَيَغْشَاه، وَتَجِرْيِدٌ لَهُ وَغَضَبٌ لِرَبِّهِ أَنْ يُعْدَلَ بِهِ سِوَاه».

  الْجَوَابُ: لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تُرِيدَ بِمَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ بِقَوْلِكَ: «فَهَذَا ...» إِلخ، مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ مِنِ اتِّخَاذِهَا أَوْثَانًا وَنَحْوَهُ كَمَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ بِقَوْلِكَ: «بَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ الشِّرْكِ ...» إلخ، فَهْوَ مَعْلُومٌ مُسَلَّمٌ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ.

  وَإِمَّا أَنْ تُرِيدَ بِهَا مَنْعَ الزِّيَارَةِ وَالدُّعَاءِ وَالتِّلاَوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ، وَرَأَىهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهْوَ مَمْنُوعٌ.

  فَكَيْفَ تَنْصِبُ مَا تَخَيَّلَهُ وَهْمُكَ، وَتَطَرَّقَ إِلَيْهِ فَهْمُكَ فِي مُصَادَمَةِ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ الشَّرِيف، وَاسْتَحْسَنَهُ أَئِمَّةُ الدِّينِ الْحَنِيف؟!.

[ادِّعاء صاحب الرسالة أنَّ بسبب تعظيم قبور الصالحين دَخَلَ عَلَى عُبَّاد الأصنام، والجواب عليه]

  قَالَ: «فَأَبُوا وَقَالُوا: بَلْ هَذَا تَعْظِيمٌ لِقُبُورِ الصَّالِحِينَ، وَلعَمْرُ اللَّهِ مِنْ هَذَا بِعَيْنِهِ دَخَلَ عَلَى عُبَّادِ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْر⁣(⁣١)، وَمِنْهُ دَخَلَ عَلَى عُبَّادِ الأَصْنَامِ مُنْذُ كَانُوا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ».

  الْجَوَابُ: مَا تَقْصِدُ بِقَوْلِكَ: «مِنْ هَذَا»؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ اتِّخَاذَهَا أَوْثَانًا، وَاعْتِقَادَ تَأْثِيرِهَا النَّفْعَ وَالضُّرَّ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فَعَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فَلَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ.

  وَكَيْفَ تَتَجَاسَرُ عَلَى نِسْبَةِ فِعْلِ ذَلِكَ بَيْنَ ظَهْرَانَي آلِ مُحَمَّدٍ قُرَنَاءِ الْكِتَاب، وَأُمَناءِ رَبِّ الأَرْبَاب، وَأَمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ مِنَ العَذَاب؟

  أَمْ كَيْفَ يُقِرُّونَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَهُمُ الْحَامُونَ لِحِمَى الدِّينِ الْحَنِيف، الذَّابُّونَ عَنْهُ كُلَّ زَيْغٍ وَتَحْرِيف، البَاذِلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي إِحْيَاءِ مَعَالِمِ الشَّرْعِ الشَّرِيف؟!


(١) أسماء أصنام قومِ نُوحٍ #.