[مخالفة سلف صاحب الرسالة لأهل البيت $]
[مخالفة سلف صاحب الرسالة لأهل البيت $]
  وَلَوْ أَمْعَنْتَ النَّظَر، وَأَجَلْتَ الْفِكَر، لَعَلِمْتَ أَنَّ التَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ لَمْ يَكُنْ بدْؤُهُ إِلَّا مِنْ مُخَالَفَةِ سَلَفِكَ - الَّذِينَ رُمْتَ الاِحْتِجَاجَ بِهِم - لآلِ مُحَمَّدٍ ÷ الْمَأْمُورِ بِالتَّمَسُّكِ بِهِمْ، وَلُزُومِ سَفِينَتِهِمْ كَمَا وَقَعَ مِنَ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِين، وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ السُّوءِ الْمُضِلِّين، وَكَرَعَ مِنْ آجِنِ ضَلَالَتِهِم الرَّدِيَّة، وَبِدَعِ أَشْيَاعِهِم النَّاصِبِيَّة، وَسَائِرِ الفِرَقِ الغَوِيَّة.
[حكم صاحب الرسالة بهدم القبور، ومحو أثرها، والجواب عليه]
  وَأَمَّا قَوْلُكَ: «فَالْوَاجِبُ هَدْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَمَحْوُ أَثَرِهِ ...» إلخ.
  فَنَقُولُ: هَذَا حُكْمٌ صَادِرٌ عَنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ وَاضِحَة، وَلَا أَمَارَةٍ لَائِحَة، فَلَمْ يَرِدْ فِي الأَخْبَارِ الَّتِي أَوْرَدْتَهَا وَلَا غَيْرِهَا مَا تَوَهَّمْتَهُ مِنْ مَحْوِ آثَارِهَا، وَتَسْوِيَتِهَا بِالأَرْضِ أَصْلًا.
  وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَلَى مَا أَوْرَدْتَهُ مِنَ الشُّبَهِ فِي ذَلِكَ.
  فَالْعَجَبُ مِنْ نِسْبَةِ الأَحْكَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ÷ الَّتِي لَمْ يَقُلْ بِهَا، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ وَلَا أَمَارَةٌ، وَقَدْ قَالَ ÷: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
[تشبيه صاحب الرسالة المساجد المبنية على القبور بمسجد الضرار، والجواب عليه]
  قَالَ: «وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ بِهَدْمِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ، فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى هَدْمِ مَا هُوَ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْهُ، كَالْمَسَاجِدِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى القُبُورِ، فَإِنَّ حُكْمَ الإِسْلَامِ أَنْ تُهْدَمَ كُلُّهَا حَتَّى تُسَوَّى بِالأَرْضِ، وَهْيَ أَوْلَى بِالْهَدْمِ مِنْ مَسْجِدِ الضِّرَارِ، وَكَذَلِكَ الْقِبَابُ الَّتِي عَلَى القُبُورِ يَجِبُ هَدْمُهَا كُلِّهَا؛ لأَنَّهَا أُسِّسَتْ عَلَى مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ؛ لأَنَّهُ قَدْ نَهَى عَنِ الْبِنَاءِ عَلَى القُبُورِ كَمَا تَقَدَّمَ.
  فَبِنَاءٌ أُسِّسَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ فَبِنَاءٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، فَهْوَ أَوْلَى بِالْهَدْمِ مِنْ بِنَاءِ الغَاصِبِ قَطْعًا.