مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

وأما قولك: «هل يليق بمسلم أن يفسق مسلما خالفه في فرع من فروع الدين؟».

صفحة 225 - الجزء 1

  شَيءٍ، وَإنَّمَا هُمْ مُفْتَرُونَ دَجَّالُونَ، وَقَدْ وَرَدَ فِيمَنْ صَدَّقَهُمْ فِيمَا قَالُوهُ مَا وَرَدَ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧}⁣[الجن].

وَأَمَّا قَوْلُكَ: «هَلْ يَلِيقُ بِمُسْلِمٍ أَنْ يُفَسِّقَ مُسْلِمًا خَالَفَهُ في فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ؟».

  فَالْجَوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: أنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ التَّفْسِيقُ وَالتَّكْفِيرُ إلَّا بِبُرْهَانٍ قَاطِعٍ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ ÷: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».

  أَخْرَجَهُ الإِمَامُ النَّاصِرُ الأُطْرُوشُ⁣(⁣١)، وَالْبُخَارِيُّ⁣(⁣٢)، وَغَيْرُهُمَا⁣(⁣٣).

وَأَمَّا قَوْلُكَ: «هَلْ تَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُسْلِمِ الْمُتَّبِعِ لِلْمَذْهَبِ الزَّيْدِيِّ ...» إلخ.

  فَالْجَوَابُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤمِنِينَ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ الأُلْفَةُ، وَإِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ}⁣[الحجرات: ١٠]، {فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ}⁣[الأنفال: ١]، {ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠}⁣[الأحزاب].

  وَالرَّاجِحُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا لَيْسَ مُفْسِدًا تَرْكُهُ، وَلَا يَرَى وُجُوبَهُ، وَالْمُؤتَّمُ يَرَاهُ مُفْسِدًا؛ قَصْدًا للأُلْفَةِ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ ÷: «لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ»⁣(⁣٤)، أَوْ كَمَا قَالَ.


(١) البساط (ص/٩٦)، و (ص/٩٩).

(٢) البخاري برقم (٤٨)، (كتاب الإيمان)، وبرقم (٦٠٤٤) (كتاب الأدب)، ط: (العصرية).

(٣) كأبي داود الطيالسي في (المسند) برقم (٢٥٦)، وأحمد بن حنبل في (مسنده) برقم (٣٦٤٧)، و (٣٩٠٣)، و (٤٣٤٥)، ط: (مؤسسة الرسالة)، ومسلم برقم (٢٢١) و (٢٢٢)، ط: (العصرية)، والترمذي برقم (١٩٨٣)، وقال: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، والنسائي في (الكبرى) (٢/ ٣١٣)، بأرقام من (٣٥٦٧) إلى (٣٥٧٨)، وابن ماجه برقم (٦٩)، وابن حبان في (صحيحه) (١٣/ ٢٦٦) برقم (٥٩٣٩)، ط: (مؤسسة الرسالة)، وغيرهم كثير.

(٤) رواه أبو داود الطيالسي في (المسند) برقم (١٦٤٤)، و (١٧٨١)، وابن أبي شيبة في (المصنف) برقم (١٦٠٢٧)، و (١٦٠٢٨)، وإسحاق بن راهويه في (المسند) برقم (١٠٩٩)، وأحمد بن حنبل في =