وأما قولك: «هل يليق بمسلم أن يفسق مسلما خالفه في فرع من فروع الدين؟».
  شَيءٍ، وَإنَّمَا هُمْ مُفْتَرُونَ دَجَّالُونَ، وَقَدْ وَرَدَ فِيمَنْ صَدَّقَهُمْ فِيمَا قَالُوهُ مَا وَرَدَ، وَلَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧}[الجن].
وَأَمَّا قَوْلُكَ: «هَلْ يَلِيقُ بِمُسْلِمٍ أَنْ يُفَسِّقَ مُسْلِمًا خَالَفَهُ في فَرْعٍ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ؟».
  فَالْجَوَابُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: أنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يَحِلُّ التَّفْسِيقُ وَالتَّكْفِيرُ إلَّا بِبُرْهَانٍ قَاطِعٍ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ ÷: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
  أَخْرَجَهُ الإِمَامُ النَّاصِرُ الأُطْرُوشُ(١)، وَالْبُخَارِيُّ(٢)، وَغَيْرُهُمَا(٣).
وَأَمَّا قَوْلُكَ: «هَلْ تَصِحُّ إِمَامَةُ الْمُسْلِمِ الْمُتَّبِعِ لِلْمَذْهَبِ الزَّيْدِيِّ ...» إلخ.
  فَالْجَوَابُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤمِنِينَ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ الأُلْفَةُ، وَإِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ}[الحجرات: ١٠]، {فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ}[الأنفال: ١]، {ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠}[الأحزاب].
  وَالرَّاجِحُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا لَيْسَ مُفْسِدًا تَرْكُهُ، وَلَا يَرَى وُجُوبَهُ، وَالْمُؤتَّمُ يَرَاهُ مُفْسِدًا؛ قَصْدًا للأُلْفَةِ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ ÷: «لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ»(٤)، أَوْ كَمَا قَالَ.
(١) البساط (ص/٩٦)، و (ص/٩٩).
(٢) البخاري برقم (٤٨)، (كتاب الإيمان)، وبرقم (٦٠٤٤) (كتاب الأدب)، ط: (العصرية).
(٣) كأبي داود الطيالسي في (المسند) برقم (٢٥٦)، وأحمد بن حنبل في (مسنده) برقم (٣٦٤٧)، و (٣٩٠٣)، و (٤٣٤٥)، ط: (مؤسسة الرسالة)، ومسلم برقم (٢٢١) و (٢٢٢)، ط: (العصرية)، والترمذي برقم (١٩٨٣)، وقال: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، والنسائي في (الكبرى) (٢/ ٣١٣)، بأرقام من (٣٥٦٧) إلى (٣٥٧٨)، وابن ماجه برقم (٦٩)، وابن حبان في (صحيحه) (١٣/ ٢٦٦) برقم (٥٩٣٩)، ط: (مؤسسة الرسالة)، وغيرهم كثير.
(٤) رواه أبو داود الطيالسي في (المسند) برقم (١٦٤٤)، و (١٧٨١)، وابن أبي شيبة في (المصنف) برقم (١٦٠٢٧)، و (١٦٠٢٨)، وإسحاق بن راهويه في (المسند) برقم (١٠٩٩)، وأحمد بن حنبل في =