فتاوى وبحوث فقهية
  أَنَّ ذَلِكَ لِلْضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ تُبِيحُ الْمُحَرَّمَ؛ لإِمْكَانِ الاِسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ كَبَصْمَةِ الإِبْهَامِ.
  مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنِ الرَّسُولِ ÷ بِاسْتِثْنَاءِ الرَّقْمِ فِي الثَّوْبِ(١)، مِنْ قَوْلِهِ ÷: «لَا تَدْخُل الْمَلاَئكِةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ»، رَوَاهُ الإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ #(٢)، وَرَوَاهُ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَنِ(٣).
  وَلَكِنَّ هَذَا الرَّسْمَ لَيْسَ بِتَصْوِيرٍ كَمَا سَبَقَ.
  أَمَّا التَّصْوِيرُ فَنَحْنُ نَكْرَهُهُ عَلَى الإِطْلَاقِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ #(٤)، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
  *******
(فائدة: في إعراب هَلُمَّ جَرَّا، ومعناها)
  قَالَ وَالِدُنَا الإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ أَبُو الْحَسَنِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْحَسَنِ @ فِي (الْمِعْرَاجِ): قَوْلُهُ: هَلُمَّ جَرَّا - يَعْنِي قَوْلَ القُرَشِيِّ صَاحِبِ (الْمِنْهَاجِ) -: هَذِهِ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الاِسْتِمْرَارِ، وَعَدَمِ الاِقْتِصَارِ، وَهَلُمَّ: اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَقْبِلْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ}.
  وَجَرَّا: مَصْدَرٌ مُنْتَصِبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ.
(١) «رَقَمْتُ الثَّوْبَ رَقْمًا - مِنْ بَابِ قَتَلَ -: وَشَّيْتُهُ، فَهْوَ مَرْقُومٌ، وَرَقَمْتُ الْكِتَابَ: كَتَبْتُهُ فَهْوَ مَرْقُومٌ وَرَقِيمٌ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الرَّقْمُ: كُلُّ ثَوْبٍ رُقِمَ أَيْ وُشِّيَ بِرَقْمٍ مَعْلُومٍ حَتَّى صَارَ عَلَمًا، فَيُقَالُ: بُرْدُ رَقْمٍ، وَبُرُودُ رَقْمٍ. وَقَالَ الْفَارَابِيُّ: الرَّقْمُ مِنْ الْخَزِّ مَا رُقِمَ، وَرَقَمْتُ الشَّيْءَ: أَعْلَمْتُهُ بِعَلَامَةٍ تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا». تمت من (المصباح المنير).
(٢) الأحكام (٢/ ٥٥١)، (باب القول في التصاوير).
(٣) قال الحافظ السيوطي في (الجامع الكبير) (٨/ ١٤١)، رقم (٢٥٠٧٥)، ط: (دار الكتب العلمية): «لَا تَدْخُلِ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيْهِ صُوْرَةٌ إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوبٍ» (أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي).
(٤) قال الإمام الهادي # في (الأحكام) (٢/ ٥٥١): «أَنَا أَكْرَهُ قُرْبَهَا كَائِنَةً فِيمَا كَانَتْ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ عَنْهَا صَاحِبُهَا مُنْدَفَعًا، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ التَّصَاوِيْرَ الْمَرْقُوْمَةَ رَحْمَةً لِأَصْحَابِهَا، وَتَرْخِيْصًا لَهُمْ، فَمَنْ وَجَدَ عَنْهَا مُنْدَفَعًا فَهْوَ أَفْضَلُ».