مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

(20) - الكلام على قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ٣٣}:

صفحة 619 - الجزء 1

  الوَسَائِطِ وَالأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: بَل الَّذِي يَقْتَضِيهِ دَلِيلُ العَقْلِ وَالنَّقْلِ وَالعَدْلِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ مُسَبَّبَةٌ عَنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ، وَأَنَّ سَبْقَ الْحُكْمِ مُسَبَّبٌ عَنْ نِسْيَانِهِمْ لِقَاءَ يَوْمِهِمْ، أَيْ تَرْكُهُمْ لِلْعَمَلِ لَهُ.

  وَالقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى العَمَلِ، وَآخِرُ الآيَةِ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ، {وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡخُلۡدِ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ١٤}.

  وَالْحَكِيمُ العَلِيمُ القَائِمُ بِالْقِسْطِ لَا يَسْبِقُ حُكْمُهُ بِالْعَذَابِ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَهْوَ يَقُولُ: {فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ}⁣[العنكبوت: ٤٠]، وَيَقُولُ: {وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا ٤٩}⁣[الكهف]، {وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران].

  وأَيُّ ثَمَرَةٍ لِلْوَاسِطَةِ وَالسَّبَبِ، وَقَدْ سَبَقَ مِنْهُ الْحُكْمُ لِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا وَاسِطَةٍ وَلَا سَبَبٍ - تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا -.

(٢٠) الكلام على قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ٣٣}:

  قَالَ البَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ في (ص/٥٥٧): «{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ}: الذَّنْبَ الْمُدَنِّسَ لِعِرْضِكُمْ، وَهْوَ تَعْلِيلٌ لِأَمْرِهِنَّ وَنَهْيِهِنَّ عَلَى الاِسْتِئْنَافِ، وَلِذَلِكَ عَمَّمَ الْحُكْمَ، {أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ}: نَصْبٌ عَلَى النِّدَاءِ، أَوِ الْمَدْحِ، {وَيُطَهِّرَكُمۡ} مِنَ الْمَعَاصِي {تَطۡهِيرٗا ٣٣}.

  وَاسْتِعَارَةُ الرِّجْسِ لِلْمَعْصِيَةِ، وَالتَّرْشِيحُ بِالتَّطْهِيرِ لِلْتَّنْفِيرِ عَنْهَا.

  وَتَخْصِيصُ الشِّيعَةِ أَهْلَ البَيْتِ بِفَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ وَابْنَيْهِمَا ¤ - لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ [وَآلَهُ] خَرَجَ ذَاتَ غَدْوَةٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ⁣(⁣١) مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ فَجَلَسَ فَأَتَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا فِيهِ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ، ثُمَّ جَاءَ الْحَسَنُ


(١) «الْمِرْطُ - بكسر الميم -: واحد الْمُرُوطِ، وهي أَكسيةٌ من صوفٍ، أو خَزٍّ كان يُؤتزر بها». تمت من (مختار الصحاح)، وفي (النهاية) لابن الأثير «الْمُرَحَّل: الذي قد نُقِشَ فيه تَصَاويرُ الرِّحَالِ».