(حول الخروج من النار)
مع الشوكاني في فتح القدير
(حول الخروج من النار)
  (١) فِي (الْجُزْءِ الثَّانِي - صفحة - ٣٩) فِي سِيَاقِ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ ٣٧}[المائدة]، مِنْ قَوْلِ الشَّوْكَانِيِّ: «وَيَا للَّهِ الْعَجَبُ مِنْ رَجُلٍ(١) لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَصَحِّ الصَّحِيحِ، وَأَكْذَبِ الْكَذِبِ».
  بَلْ نَقُولُ: يَا للَّهِ الْعَجَبُ مِنْكَ أَيُّهَا الرَّجُل، حَيْثُ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ مَا ثَبَتَ بِنُصُوصِ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَتَوَاتَرَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَبَيْنَ مَا رَوَتْهُ وَلَفَّقَتْهُ الْحَشَوِيَّةُ.
  وَهَلْ بَعْدَ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ العَزِيزِ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ فِي قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ عَمْدًا بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ تَصْرِيحٌ، وَالقَتْلُ لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَإِنْ حَمَلَهُ عَلَى الكَافِرِ الخَارِجِ عَنِ الْمِلَّةِ فَهْوَ تَحْرِيفٌ، وَإِخْرَاجٌ لِلْوَعِيدِ عَلَى القَتْلِ.
  وَكَذَا الزَّانِي تَوَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْخُلُودِ مَعَ الْمُشْرِكِ وَالقَاتِلِ، قَالَ تَعَالَى: {وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا ٦٨ يُضَٰعَفۡ لَهُ ٱلۡعَذَابُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَيَخۡلُدۡ فِيهِۦ مُهَانًا ٦٩}[الفرقان].
  وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالزَّانِي: الكَافِرَ، لَكَانَ ذِكْرُ الزِّنَا وَالقَتْلِ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الوَعِيدَ عَلَى الكُفْرِ، وَلَكَانَ بِمَثَابَةِ مَنْ قَالَ: مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَشَرِبَ الْمَاءَ أَوْ عَصَى مَعْصِيَةً صَغِيرَةً فَهْوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ.
  وَعَلَى الْجُمْلَةِ: فَالْقَوْلُ بِالْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ هُوَ مَذْهَبُ اليَهُودِ، الَّذِينَ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِم فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالُوا: {لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ قُلۡ
(١) يعني الزمخشري. تمت من المؤلف (ع).