(الردود على ابن تيمية)
[٣] [الرد عليه في إنكاره أنَّ صيغة الجمع لا يُرَادُ بها اثنان فقط]
  قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي (الجزءِ الثَّانِي) مِنْ (مِنْهَاجِهِ) (ص/٧٤)(١) - فِي سِيَاقِ جَحْدِهِ لِنُزُولِ آيَاتٍ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #، كَآيَةِ {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥}[المائدة] - مَا لَفْظُهُ: «وَصِيغَةُ الْجَمْعِ لَا يُرَادُ بِهَا اثْنَانِ فَقْط؛ لاتِّفَاقِ النَّاسِ، بَلْ إمَّا الثَّلَاثَةُ فَصَاعِدًا، وَإِمَّا الاثْنَانِ فَصَاعِدًا، أَمَّا إِرَادَةُ الاثْنَيْنِ فَقَطْ فَخِلَافُ الإِجْمَاعِ». انْتَهَى الْمُرَادُ.
  وَأَقُولُ: إِنَّ الْكَذِبَ وَالتَّكْذِيبَ لِلْصِّدْقِ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ لَا يَنْحَصِرَانِ، لَكِنْ أُرِيدُ أَنْ أُوَضِّحَ لَكَ هُنَا أَنَّهُ كَذَّابٌ؛ بِالنَّصِّ القُرْآنِيِّ، فَقَدْ أَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى صِيغَةَ الْجَمْعِ، وَأَرَادَ الاثْنَيْنِ فَقَط. قَالَ تَعَالَى: {إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ}، فَأَطْلَقَ صِيغَةَ الْجَمْعِ، وَهْيَ قُلُوبٌ عَلَى قَلْبَيْنِ قَطْعًا.
  وَالآيَةُ نَازِلَةٌ فِي حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ بِلَا رَيْبٍ(٢).
  فَهَذَا نَصٌّ قُرْآنِيٌّ صَرِيحٌ فِي تَكْذِيبِهِ بِلَا احْتِمَالٍ.
  وَمَا هَذَا مِنْ غَيْرِهِ، فَقَدْ صَارَ الْكَذِبُ الصَّرِيح، وَالتَّكْذِيبُ للصَّحِيح، لَهْجَةً لَهُ يُجَازِفُ بِهَا بَلَا عَدَدٍ وَلَا حِسَابٍ، وَلَا مِكْيَالٍ وَلَا مِيزَانٍ، وَإِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ.
  وَمَا حَكَمَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِتَكْفِيرِهِ وَزَنْدَقَتِهِ وَسُجِنَ حَتَّى مَاتَ إِلَّا لِشَأْنٍ.
  وَلَقَدْ كُنْتُ أَعْجَبُ غَايَةَ الْعَجَبِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الوَزِيرِ حَيْثُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي (الإِيثَارِ)، حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِهِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يطَّلِعْ عَلَى (مِنْهَاجِهِ)(٣)، فَهَوَّنَ ذَلِكَ عَلَيَّ، وَكَذَا ابْن عَقِيلٍ فِي (النَّصَائِح)(٤)، ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ (تَقْوِيَةِ الإِيمَان)(٥) أَنَّهُ لَمْ يَكُن
(١) وهو في (٧/ ٢٧٢) ط: (مؤسسة قرطبة).
(٢) انظر (الدر المنثور) للسيوطي (٦/ ٣٦٦) في تفسير سورة (التحريم).
(٣) (إيثار الحق على الخلق) (ط ١/ص ١٢٠)، ط: (دار الكتب العلمية).
(٤) (النصائح الكافية) (ص/٧٠)، وكذا (ص/١٥٦).
(٥) (تقوية الإيمان) (ص/١١٤)، وكذا (ص/١٠١)، و (ص/١٥٩). ط: (دار البيان العربي).