مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 645 - الجزء 1

  وَالأَخْبَارُ وَارِدَةٌ أَنَّ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»⁣(⁣١).

  وَهَذَا عَامٌّ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، مَعَ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ»⁣(⁣٢).

  وَعَلَى الْجُمْلَةِ: فَلَا تَسْقُطُ فَرِيضَةُ الْجُمُعَةِ الْمَقْطُوعُ بِهَا بِلَا دَلِيلٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.

  قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدِي، وَكَذَا غَيْرُهَا مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ⁣(⁣٣)، فَلَا مَعْنَى لِإِسْقَاطِ هَذِهِ الفَرِيضَةِ الْمُؤَكَّدَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي القُرْآنِ، بِشُرُوطٍ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان.

(ج) - [بحث في الهجرة]

  هَذَا، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: وَفِي بِلَادِ الْكُفْرِ، فَقَدْ أَشَرْتُ إِشَارَةً عَابِرَةً إِلَى وُجُوبِ الْهِجْرَةِ، بِنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ٦٨}⁣[الأنعام]، وَقَوْلِهِ ÷: «لَا يَحِلُّ لِعَيْنٍ تَرَى اللَّهَ يُعْصَى فَتَطْرِفَ حَتَّى تُغَيِّرَ أَوْ تَنْتَقِلَ».

[معنى دار الكفر، ودار الفسق]

  وَاعْلَمْ أَنَّ دَارَ الْكُفْرِ: هِيَ مَا لَا تَظْهَرُ فِيهَا الشَّهَادَتَانِ إِلَّا بِجِوَارٍ، أَوْ بِأَنْ تَظْهَرَ فِيهَا خَصْلَةٌ كُفْرِيَّةٌ مِنْ غَيْرِ جِوَارٍ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهَا الشَّهَادَتَانِ مِنْ غَيْرِ جِوَارٍ، هَذَا


(١) رواه البخاري برقم (٥٨٠)، ومسلم برقم (١٣٧١)، وأبو داود برقم (١١٢١)، والنسائي في (الكبرى) (بأرقام ١٥٣٦ - ١٥٣٧ - ١٥٣٨ - ١٥٣٩)، وابن ماجه برقم (١١٢٢)، والترمذي برقم (٥٢٤)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وقال: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ÷ وَغَيْرِهِمْ، قَالُوا: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الجُمُعَةِ صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ».

(٢) رواه النسائي في (السنن الكبرى) برقم (١٥٤٠)، ولفظه: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ»، قال الألباني: «صحيح». ورواه ابن ماجه في (السنن) برقم (١١٢١)، بلفظ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى». قال الألباني: «صحيح». ورواه الحاكم في (المستدرك) من ثلاث طرق بأرقام (١٠٧٧) (١٠٧٨) (١٠٧٩)، وقال: «كل هؤلاء الأسانيد الثلاثة صحاح على شرط الشيخين».

(٣) كصحة صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَارِج البَلَدِ فِي الصَّحْرَاءِ، وعدم اشتراط المسجد.