[افتراء صاحب الرسالة على رسول الله ÷، والجواب عليه]
  الْمَذْهَب، فَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.
  وَمَعَ هَذَا فَإِنَّكَ أَوَّلًا احْتَجَجْتَ بِفِعْلِ السَّلَفِ، وَشَنَّعْتَ عَلَى مُخَالَفَتِهِمْ، وَجَعَلْتَ البُعْدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، ثُمَّ حَكَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ الآثَارَ الدَّالَّةَ عَلَى حُصُولِ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ فِي عَهْدِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
  فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ تُرِيدُ بِالسَّلَفِ غَيْرَ الَّذِينَ ذَكَرْتَ أَنَّهَا حَدَثَتْ فِي أَعْصَارِهِمْ مُبْتَدَعَاتُ الأَضَالِيل؟!
  فَكَيْفَ تُشَنِّعُ عَلَى هَؤُلاءِ بِمُخَالَفَةِ الضَّآلِّين، وَتَجْعَلُهُم فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مُبْتَدِعِين، وَعَنِ الْحَقِّ مَائِلِين؟!
  ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَلَيْسَ لَكَ فِي جَمِيعِ مَا أَوْرَدْتَهُ مَأْخَذٌ وَلَا مُتَمَسَّكٌ، فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاع، وَمَا نَسَبْتَهُ إِلَى مَنْ رَمَيْتَهُمْ بِهِ فِي الْمُخَالَفَةِ وَالاِبْتِدَاع؟
  وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا مِمَّا تَمُجُّهُ الأَسْمَاع، وَتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاع.
  وَيَظْهَرُ بِهَذَا وَغَيْرِهِ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ وَتَصُول، وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا تَقُول، وَكَأَنَّكَ تَنْقُلُ مَا وَجَدَتَ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ وَلَا رَوِيَّة، وَتَهْذِي بِمَا أَوْرَدْتَ عَنْ فِكْرٍ رَدِيٍّ، وَنَزَغَاتٍ شَيْطَانِيَّة، وَخَيَالاَتٍ أَشْعَبِيَّة، وَتَرُومُ بِذَلِكَ تَضْلِيلَ خُلَاصَةِ الأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مِنَ الْعِتْرَةِ الزَّكِيَّة، وَشِيعَتِهِمُ الزَّيْدِيَّة.
  وَمَا أَحَقَّكَ بِقَوْلِهِ:
  يَرْوِي أَحَادِيثَ وَيَرْوِي نَقْضَا ... مُخَالِفًا بَعْضَ الْحَدِيثِ بَعْضَا
  وَبِقَوْلِ آخَرَ(١):
  لَيْسَ يَدْرُونَ أَنَّهُمْ لَيْسَ يَدْرُونَ ... بَلِ الْجَهْلُ عَمَّهُمْ تَوْرِيثَا
  وَتَسَمَّوا أَهْلَ الْحَدِيثِ وَهَاهُمْ ... لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثَا
(١) هو السيد العلامة أبو بكر بن شهاب الحسيني، كما في ديوانه (ص/١٠٤).