مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

رفع الملام في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام

صفحة 240 - الجزء 1

  

  الْحَمْدُ للَّهِ وَحْدَهُ.

  حَاشِيَةٌ مُفِيدَةٌ مِنْ قَوْلِ الإِمَامِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فِي (الاعتصام) (ج ١/صفح ٣٥٦) سطر (٢): «وَرَفْعُ الأَيْدِي حَالَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ مَنْسُوخٌ».

  أَقولُ: اعلَمْ - وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ بِالتَّسْدِيدِ وَالتَّوْفِيق، وَهَدَانا سَبِيلَ الْحَقِّ وَالتَّحْقِيق - أَنَّ القَوْلَ بِأَنَّ رَفْعَ اليَدَيْنِ مَنْسُوخٌ لا يَسْتَقِيمُ بِحَالٍ.

  أَمَّا أَوَّلًا: فَلَا تَعَارُضَ أَصْلًا بَيْنَ رِوَايَاتِ ثُبُوتِهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، وَرِوَايَةِ النَّهْي عَنْ رَفْعِ اليَدَيْنِ⁣(⁣١)؛ لِأَنَّه عَامٌّ والأَوَّلَ خَاصٌّ، وَلاَ يَجُوزُ العُدُولُ إِلَى النَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ.

  هَذَا مَعَ أَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الإِشَارَةِ بِالأَيْدِي عِنْدَ السَّلاَمِ⁣(⁣٢).

  وَقَوْلُهُ: «اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ»، الْمُرَادُ: فِيمَا لَمْ يَرِد الشَّرْعُ بِالْحَرَكَةِ فِيهِ قَطْعًا، وَكَذَا الْخُشُوعُ وَالْقُنُوتُ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَى تَرْكِ شَيءٍ مِن الْحَرَكَاتِ الْمَشْرُوعَةِ


(١) تأمل أيها المطلع رمَزَات كلام مولانا الإمام الحجة مَجْدُالدِّينِ الْمُؤَيَّدِيُّ # في كيفيّة الجمع بين الروايات.

(٢) روى مسلمٌ في جامعه المسمى (بالصحيح) برقم (٩٦٨)، ط: (المكتبة العصرية) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ÷ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ، اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ».

وروى مسلم أيضًا برقم (٩٧٠) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؛ إِنَّمَا يَكْفِى أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ».

انظر (المنهج الأقوم في الرفع والضم) للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(فائدة): قال جار الله الزمخشريُّ في (أساس البلاغة) (ص/٢٤١): «ودابة شَمُوس، وخيلٌ شمسٌ: لا تكاد تستقرّ». وقال ابن الأثير في (النهاية) (٢/ ٧٢٧): «هي جمع شَمُوس، وهو النَّفُور مِنَ الدَّوابِّ الذي لا يستَقِرّ لشَغَبه وحدَّته».