مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الجواب التام في تحقيق مسألة الإمام

صفحة 258 - الجزء 1

  

  وَصَّلى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

  الْحَمْدُ للَّهِ كَمَا يَجِبُ لِجَلالِه، وَصَلاتُهُ وَسلَامُهُ عَلَى رَسولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِه، وبعد:

  فإنَّه وَقَعَ الإطِّلاعُ عَلَى مُشَرَّفِكُم الكريم، ومُحَرَّرِكُم العَذْبِ الوَسِيم، ومَا اشتمل عليه من الأَسئلة:

  الأَوَّل: عن قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ ...}⁣[المائدة: ٥٥] الآيةَ، قلتم: «أليس ظاهرُهَا يفيدُ نفيَ إمامةِ الحسنين ومَنْ بعدهما ...»؟ إلخ.

  أقول: الجواب، واللَّهُ الهادي إلى مَنْهَجِ الصواب: أَنَّهَا إذا حُمِلَت الولايةُ عَلَى مِلْكِ التَّصَرُّفِ - كَمَا هو المعلومُ من الدَّلالاتِ القاطعة عَلَى إرادتِهِ المعلومةِ من تلك المقاماتِ قولًا وحالًا وفِعْلًا -، فالحَصْرُ حقيقيٌّ تحقيقيٌّ، ولَا يُنَافيه ثبوتُ الإمامةِ لِمَنْ بعده À؛ إذ لا يُرَادُ ولا يُفْهَمُ من ثُبُوتِ الولايةِ ومِلْكِ التَّصَرُّفِ إلَّا في عَصْرِهِ وأَيَّامِ حَيَاتِهِ ~، وأَنْ يَدِينَ الْخَلْقُ بِثُبُوتِ ذلك بعد وفاتِهِ.

  وإِنْ حُمِلَت عَلَى جميعِ معانيها الْمُمْكِنَةِ فلا شَكَّ في ثُبوتِ بَعضِهَا لغيره #، فيكونُ القَصْرُ باعتبارها حقيقيًّا ادِّعَائيًّا؛ لأَنَّه الفَرْدُ الكاملُ في ذلك.

  وقد تَعَرَّضَ للجوابِ عن الطَّرَفِ هذا: شَارِحُ الأساس #(⁣١).

  نعم، ظاهرُهَا وظاهرُ سائرِ الأَدلةِ عَلَى إِمَامَةِ الوَصِيِّ ~ كَخَبَرِ الغَديرِ والمنزلةِ ثُبوتُ مِلْكِ التَّصَرُّفِ له # في أَيَّامِ الرَّسُولِ ~ وَسَلَامُهُ وَآله، والمعلومُ أَنَّه لَا تَصَرُّفَ عَلَى الأُمَّةِ في عَهْدِهِ ÷ لغيره، والإجماعُ عَلَى ذلك إلَّا في حَالِ غَيْبَتِهِ ÷، فقد قال الإِمَامُ أَبو طَالِبٍ # بِثُبُوتِ ذلك


(١) شرح الأساس الصغير (عدة الأكياس) للسيد الإمام أحمد بن محمد بن صلاح الشَّرَفِي $ (٢/ ١٤٧).