[من هم الرافضة]
  عَلَيْهِمَا فَرَفَضَهُ قَوْمٌ فَقَالَ: رَفَضْتُمُونِي رَفَضْتُمُونِي، فَسُمُّوا الرَّافِضَةَ.
  فَالرَّافِضَةُ تَتَوَلَّى أَخَاهُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَالزَّيْدِيَّةُ يَتَوَلَّوْنَ زَيْدًا، وَيُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَمِنْ حِينَئِذٍ انْقَسَمَتِ الشِّيعَةُ: إلَى زَيْدِيَّةٍ، وَرَافِضَةٍ إِمَامِيَّةٍ ...» إلخ.
  قُلْتُ: وَلَكِنَّهُم لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ بِهَذَا تَخْرُجُ الزَّيْدِيَّةُ عَنِ اسْمِ الرَّفْضِ نَقَلُوه إِلَى مَعْنًى آخَرَ؛ لِيَعُمَّ الفَرِيقَيْنِ، فَقَالُوا: الرَّافِضِيُّ: مَنْ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الذَّهَبِيُّ تِلْمِيذُ الشَّيْخِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَابْنُ حَجَرٍ، وَغَيْرُهُمَا.
  بَلْ جَعَلَ بَعْضُهُم تَفْضِيلَ عَلِيٍّ # عَلَى عُثْمَانَ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الرَّفْضِ.
  وَلَمْ يُبَالِ بِكَوْنِ ذَلِكَ خِلَافَ الْحَقِيقَةِ، وَخِلَافَ مَوْضُوعِ الرَّفْضِ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَلَا بِكَوْنِهِ سَيَدْخُلُ فِيهِ أَعْيَانُ الصَّحَابَةِ الأَبْرَارِ كَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَخَبَّابٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادِ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ نَقَلَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُم أَنَّهُم كَانُوا يُفَضِّلُونَهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي (الْجُزْءِ السَّابِعِ) مِنْ (فَتْحِ البَارِي)(١):
  «رَوَى الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» رِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ». انتهى.
  وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا لَدَيْهِم جَمِيعًا(٢)؛ إِذْ قَوْلُهُ: «كُنَّا» يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ؛ إِذْ أَوْرَدَهُ مَوْرِدَ الاحْتِجَاجِ.
  وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِي: كُنَّا وَكَانوا، مَعْلُومٌ فِي الأُصُولِ(٣).
  وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي (الاسْتِيعَابِ)(٤): «وَرُويَ عَنْ سَلْمَانَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادِ، وَخَبَّاب، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ¥ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ، وَفَضَّلَهُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ».
(١) انظر: (فتح الباري) (ط ١/ ٧/٧٢) ط (دار الريان)، و (ط ٢/ ٧/٧٢) ط (دار الكتب العلمية).
(٢) أي الصحابة.
(٣) انظر (توضيح الأفكار) لابن الأمير (شرح تنقيح الأنظار) لابن الوزير (١/ ٢٧٣).
(٤) وفي (٣/ ١٠٩٠).