مع ابن تيمية
  (٢) - قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (ص/١٩): «وَلَوْ قَدِمَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ، لَكِنْ تَقِفُ بِعَرَفَةَ، وَتَفْعَلُ سَائِرَ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا مَعَ الْحَيْضِ إلَّا الطَّوَافَ؛ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ حَتَّى تَطْهُرَ - إنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ -، ثُمَّ تَطُوفُ، وَإِن اضْطُرَّتْ إلَى الطَّوَافِ فَطَافَتْ أَجَزْأَهَا ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ».
  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين الْمُؤَيَّدِيُّ #: لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا صَحَّ عَنِ الرَّسُولِ ÷ مِنْ أَمْرِهِ عَائِشَةَ أَن لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ(١)، وَأَنْ تَتْرُكَ الْعُمْرَةَ لِذَلِكَ لَمَّا حَاضَتْ(٢).
  *******
(١) روى البخاري (كتاب الحيض - بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ) برقم (٣٠٥)، ومسلم برقم (٢٩١٩)، عن عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ÷ لَا نَذْكُرُ إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ÷ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟». قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ: «لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي»، وفي رواية لمسلم برقم (٢٩١٨): «حَتَّى تَغْتَسِلِي».
قال الحافظ ابنُ حجر في (فتح الباري شرح البخاري) (٣/ ٦٤٤): ««حَتَّى تَطَّهَّرِي»، - وَهْوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ، وَتَشْدِيدِ الْهَاءِ أَيْضًا، أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَأَصْلُهُ: «تَتَطَهَّرِي»، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «حَتَّى تَغْتَسِلِي». وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي نَهْيِ الْحَائِضِ عَنِ الطَّوَافِ حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهَا وَتَغْتَسِلَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الطَّوَافِ لَوْ فَعَلَتْهُ، وَفِي مَعْنَى الْحَائِضِ: الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ، وَهْوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، ...».
وروى البخاري في (كتاب الحج - بَاب: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ) برقم (١٧٥٧) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ - زَوْجَ النَّبِيِّ ÷ - حَاضَتْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ÷، فَقَالَ: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟». قَالُوا: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ [أي طافت طواف الإفاضة]. قَالَ: «فَلَا إِذًا». ورواه مسلمٌ برقم (٣٢٢٥).
(٢) روى مسلمٌ في هذا الباب روايات كثيرة، منها: برقم (٢٩١٠) عن عائشة أنَّها قالت: «فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ÷، فَقَالَ: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ». قَالَتْ: فَفَعَلْتُ».
وبرقم (٢٩١١) قالت: «فَحِضْتُ، فَلَمْ أَزَلْ حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَلَمْ أُهْلِلْ إِلَّا بِعُمْرَةٍ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ÷ أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي، وَأَمْتَشِطَ، وَأُهِلَّ بِحَجٍّ، وَأَتْرُكَ الْعُمْرَةَ».