مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[خلق الأفعال]

صفحة 606 - الجزء 1

[خلق الأفعال]

  (٣) قَالَ البَيْضَاوِيُّ (ص/٤٥): «{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا}⁣[البقرة ٢١٢]، حَسُنَتْ فِي أَعْيُنِهْمِ، وَأُشْرِبَتْ مَحَبَّتُهَا فِي قُلُوبِهِمْ حَتَّى تَهَالَكُوا عَلَيْهَا، وَأَعْرَضُوا عَنْ غَيْرِهَا، وَالْمُزَيِّنُ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ إِذْ مَا مِنْ شَيءٍ إِلَّا وهْوَ فَاعِلُهُ ...».

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مجدالدين المؤيدي #: فَلِمَاذَا أَنْزَلَ الْكُتُبَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ؟ وَلِمَاذَا أَمَرَ وَنَهَى الْعِبَادَ وَهْوَ الفَاعِلُ؟!.

  وَلِمَاذَا يُعَاقِبُ الْمُسِيءَ وَلَا فِعْلَ لَهُ؟ أَلَيْسَ هَذَا عَيْنَ الظُّلْمِ؟

  وَلِمَاذَا يَقُولُ: {مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ}⁣[فصلت ٤٦].

  وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوآنِ مِنْ إِضَافَةِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ إِلَيْهِمْ حَسَنِهَا وَقَبِيحِهَا، وَأَنَّ العِقَابَ وَالثَّوَابَ جَزَاءٌ عَلَى مَا عَمِلُوا، {فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ٤٦}⁣[الحج].

(٤) [بحث في المحكم والمتشابه]

  قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٧}⁣[آل عمران].

  قَالَ مَوْلَانَا الإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدالدِّين الْمُؤَيَّدِيُّ #: الْوَقْفَانِ ثَابِتَانِ، فَعَلَى الوَقْفِ عَلَى الْجَلَالَةِ يُفَسَّرُ الْمُتَشَابِهُ: بِمَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، كَمَعَانِي أَوَائِلِ السُّوَرِ ذِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ {الٓمٓ ١}، {الٓمٓرۚ}، وَنَحْوِهَا، وَعَدَدِ الزَّبَانِيَةِ، وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ، وَتَفَاصِيلِ أَحْوَالِ الآخِرَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ ظَاهِرٌ يُوقِعُ فِي شُبْهَةٍ إِنْ حُمِلَ عَلَيْهِ.

  وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # فِي تَفْسِيرِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ⁣(⁣١)،


(١) في قوله #: (وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ =