[124] القاضي أبو الحسن علي بن القاضي أبي
  كأن سطورها روض أنيق ... تضوّع بينها مسك فتيق
  إذا ما أنشدت أرجت وطابت ... منازلنا بها حتى الطريق
  وإنا تائقون إليك فاعلم ... وأنت إلى زيارتنا تتوق
  فواصلنا بها في كلّ يوم ... فأنت بكلّ مكرمة حقيق(١)
  وفي شهر المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة(٢) استخلف ولده أبا القاسم عبد العزيز في الأحكام بمصر والقاهرة، وارتفعت رتبة القاضي محمد عند العزيز حتى أصعده معه على المنبر يوم عيد النحر سنة خمس وثمانين(٣)، ولما مات العزيز تولّى غسله القاضي محمد المذكور وقام بالأمر ولده الحاكم فأقرّ القاضي محمد على منزلته، وزادت رتبته عنده، وكان له من الرياسة معهم ما لم يشاهد مثله لقاضي لا في مصر ولا غيرها والعراق، وكان حقيقا بها لما فيه من العلم وإقامة الحق والهيبة، ثم كثرت علله ولازمه النقرس والقولنج فكان أكثر أوقاته عليلا، وكان الأستاذ أبو الفرج برجوان على جلالته يعوده في كل وقت حتى توفي في صفر سنة تسع وثماني وثلاثمائة.
  ثم قلّد الحاكم القضاء ابن أخيه أبا عبد اللّه الحسين بن أبي الحسن بن النعمان(٤) ثم صرفه بعد مدة بابن عمّه عبد العزيز بن محمد، ثم ضرب الحاكم عنق الحسين المذكور في رمضان وأحرقت جثته لأمر اقتضى ذلك، واستقلد عبد العزيز بالأحكام وقلّده الحاكم النظر في المظالم ولم يجتمعا لأحد قبله، وعلت مرتبته وأصعده معه على المنابر يوم العيدين، وشدّد في الأحكام على أمراء الدولة ممّن عليه حق، ثم صرفه الحاكم واستقضى أبا الحسن مالك بن سعيد الفارقي وأخرجه عن بيت النعمان، ثم إن الحاكم أمر الأتراك بقتل عبد العزيز، والقائد أبي عبد اللّه الحسين جوهر، وأبي علي إسماعيل أخي القائد ابن صالح فقتلوا في ساعة واحدة لأسباب، سنة أحدى وأربعمائة وفصّل خبره المقريزي ولا حاجة إلى ذكره(٥).
(١) وفيات الأعيان ٥/ ٤٢١.
(٢) في الأصل: «اثنتين وثلاثين» وما صوّبناه من الوفيات.
(٣) في الأصل: «سنة ٧٥» وما صوّبناه من الوفيات.
(٤) ترجمته في رفع الأحد ٢٠٧.
(٥) وفيات الأعيان ٥/ ٤٢١ - ٤٢٣، باختصار واقتباس، أنظر الخطط المقريزية.