[الخاتمة]
[الخاتمة]
  وإلى هنا انتهى ما أردنا إيراده من أشعار المتشيعين الأدباء الذين يعقد على أدبهم الخناصر، من كلّ ذي معجز يؤمن بفضله النقاد ويعلم أنه ساحر.
  وأحببت ذكر مقامة لأبي الفضل بديع الزمان أختم بها الكتاب، وأشفعها بمقامة أنشأتها.
  قال أبو الفضل في المقامة السّاويّة عن أبي الفتح الإسكندراني(١) قال احتجت إلى الزاد، وأنا ببغداد، وليس معي عقد، على نقد(٢)، فخرجت أخترق(٣) محالّه حتّى أحلّني الكرخ(٤) بسواديّ يسوق بالجهد حماره(٥)، ويطرّف بالعقد إزاره، فقلت: ظفرنا واللّه بصيد، وحيّاك اللّه أبا زيد، من أين أقبلت؟ وأين نزلت؟ ومتى وافيت؟ وهلمّ اإلى البيت(٦)، فقال: لست بأبي زيد، أنا أبو عبيد، فقلت: لعن اللّه الشّيطان، أنسانيك طول العهد(٧)، كيف أبوك؟ شابّ كعهدي، أم
(١) في شرح مقامات بديع الزمان الهمداني ٦٦: «المقامة البغدادية، حدثني عيسى بن هشام قال:
اشتهيت الأزاذ، وأنا ببغداذ».
(٢) أي والحال أنى معدم لا مال عندي.
(٣) في الشرح: «انتهز».
(٤) المحال: جمع محلة، والمراد بها الأماكن التي يوجد بها الأزاذ، وأنتهز: المراد منه أتلمس وأقصد، ولكنه جعلها كالغنيمة التي يسارع لانتهازها اللبق، والكرخ: محل ببغداد، والضمير في «أحلنى» راجع إلى الأزاذ، من باب إسناد الفعل للسبب.
(٥) السواد: ريف العراق وقراه، والنسبة إليه سوادي، والمراد رجل من أهل السواد، وهم - في أغلب الأحوال - أغرار لا يفطنون لدقيق الحيل.
(٦) أراد بالصيد ذلك الرجل، ثم أقبل عليه يحادثه ويكالمه، ويتدخل معه، لينال منه ما أراد.
(٧) أخذ يدخل بحيلته في روع السوادى أنه أليف قديم وصاحب من عهد بعيد، فلما أخطأ تكنيته، وخشي ألا تجور حيلته، عمد إلى انتحال المعاذير، بطول أمد الفراق، وبعد عهد التلاق.