[157] الشيخ الحكيم محمد صالح الجيلاني الفارسي
  وأمر له لكلّ بيت بألف درهم، وكانت القصيدة خمسين بيتا.
  وممّا أجاد فيه يمدح المأمون(١):
  العذر إن أنصفت متّضح ... وشهيد حبّك أدمع سفح
  وإذا تكلّمت العيون على ... إعجامها فالسّر مفتضح
  إني أبيت معانقي قمر ... للحسن فيه مخايل تضح(٢)
  نشر الجمال على محاسنه ... بدعا وأذهب همّه الفرح
  يختال في حلل الشّباب به ... مرح وداؤك أنه مرح
  ما زال يلثمني مراشفه ... ويعلّني الإبريق والقدح
  حتى استردّ اللّيل خلعته ... ونشا خلال سواده وضح
  وبدا الصّباح كأن غرّته ... وجه الخليفة حين يمتدح
  نشرت بك الدّنيا محاسنها ... وتزيّنت بصفاتك المدح(٣)
  وإذا سلمت فكلّ حادثة ... جلل فلا بؤس ولا ترح
  أجاد غاية الإجادة، وتشبيهه الهلال بالسوار، والصبح بالوضح أمر لم يسبق إليه، وبيت المخلص في التشبيه هو تمثيل البيانيين وإجادته في الاستعارات دليل على تمكّنه، ولم يذكر صاحب الأغاني متى قدرت وفاته، ¦.
  [١٥٧] الشيخ الحكيم محمد صالح الجيلاني الفارسي نزيل اليمن ( *)
  فاضل لو غضبت روح على جسمها ألّف بين الروح والجسم، كأنّما معنى الحكمة وماهيتها خاصّة له وإنّما لغيره الاسم، يغدو ابن شبل إلى جنب ماله من التحقيق كالثعلب، ولو رآه ابن سينا لرأى أشعة طور حكمته فصعق وبات على شفاه بلهب، يستفرغ بجس النبض مادة العلّة، كما يستفرغ ماء السارية البارق، ويختلس جوهر الروح من عرض المرض كما يختلس الجوهر، وحاشاه السارق
(١) أنظر الأغاني ١٩/ ٨٦ - ٨٨.
(٢) تضح: تتّضح وتظهر.
(٣) الأغاني ١٩/ ٩٥ - ٩٦.
(*) ترجمته في: البدر الطالع ٢/ ١٧٤.