[132] أبو دلف، القاسم بن عيسى بن إدريس
  فأنتم بذي قار أمالت سيوفكم ... عروش الذين استرهنوا قوس حاجب
  محاسن من مجد متى تقرنوا بها ... محاسن أقوام تكن كالمعائب(١)
  وهذا يسمّى نوع التلميح من البديع، وهو أن الشاعر يشير إلى منقبة أو ضدّها في ضمن شعره.
  وأشار أبو تمام إلى قصة حاجب بن زرارة بن عدس التميمي(٢) سيّد بني تميم، وذلك إن بني تميم دخلوا السواد فارتاب أهله بهم لوحشة العرب وشظف عيشهم فانهوا خبرهم إلى كسرى فأرسل إلى حاجب، فقال له: كيف دخلتم بلادي بغير إذني؟ قال: أيها الملك إنّما دخلناها للكلأ ولسنا بأعداء للملك، وأنا كفيل على قومي، فقال: كسرى: إعطني رهنا على الوفاء، وكان بيد حاجب قوس من نبع فقال: أيها الملك هذه رهاني حتى ينصرف قومي، فضحك المرازبة إستخفافا بما أعطى فقبضها كسرى، وقال: لم يكن ليسلمها ويغدر، ومضى حاجب حتى انصرف قومه، جاء فأخذ قوسه فأعجب كسرى وفائه وأجازه، وكان ذلك أحد مناقب بني تميم.
  قلت: هذا على أن بني تميم معروفون بالغدر ويلقبون كناة الغدر لتلقيبهم له كيسان، كما ذكر العسكري في جمهرة الأمثال.
(١) كاملة في ديوان أبي تمام ٤١ - ٤٣.
(٢) حاجب بن زرارة بن عدس الدارمي التميمي: من سادات العرب في الجاهلية. كان رئيس تميم في عدة مواطن. وهو الذي رهن قوسه عند كسرى على مال عظيم ووفى به. وحضر يوم شعب جبلة (من أيام العرب المعروفة) قبل ١٩ أو ١٧ سنة من مولد النبي ÷ وأدرك الإسلام وأسلم.
وبعثه النبي ÷ على صدقات بني تميم، فلم يلبث أن مات نحو سنة ٣ هـ.
ترجمته في: الإصابة ١/ ٢٧٣ ثم ٢/ ١٨٧ والأغاني طبعة الدار ١١/ ١٥٠ علق الشيخ عبد اللّه العبد الرحمن البسام. قلتم إن حاجب بن زرارة أدرك الاسلام فأسلم الخ.. وأنا أشك في هذا شكا كبيرا، وإن ذكره ابن حجر في الإصابة مع الصحابة. فحاجب عاش في الجاهلية وأسر يوم جبلة شيخا قبل المولد ب ١٩ عاما، وابنه عطارد هو الذي افتكّ قوسه المرهونة عند كسرى فكساه كسرى، وذلك بعد وفاة أبيه. ثم وفد ابنه عطارد مع وجوه بني تميم فأهدى إلى النبي # الحلة التي كساه إياها كسرى ولم يكن لحاجب ذكر مع ذلك الوفد ولا قبله إلا ما ذكره ابن حجر ولا يعول عليه. حاجب أكبر زعيم جاهلي فكيف يخفى إسلامه ووفادته؟ قلت: الشك وارد وجدير بالنظر. أما كون ابنه هو الذي افتك القوس فلا يقطع بوفاة الأب، ولا بد من مصدر أو حادث يستأنس به لنقض رواية ابن حجر، الاعلام ط ٤/ ٢ / ١٥٣.