[150] الشيخ محمد بن علي بن محمود الشامي
  الأدب فهو منارة السامي، وملتزم كعبته وركنها الشامي، ينثر منه ما هو أذكى من النشر في أثناء النواسم، بل أجلى من الظلم يترقى في ثنايا المباسم، أن ذكرت الرقة فهو سوق رقيقها، أو الجزالة فهو سفح عقيقها(١) وأورد له من الشعر:
  أنت يا شغل المحبّ الواجد ... قبلة الداعي ووجه القاصد
  فتّ آرام الفلا حسنا فما ... قابلت إلّا بطرف جامد
  شأن قلبينا إذا صحّ الهوى ... يا حياتي شأن قلب واحد
  أكثر الواشون فينا قولهم ... ما علينا من مقال الحاسد
  لست أصغي لأراجيف العدا ... من يغالي في المتاع الكاسد(٢)
  تأمّل هذه الرقة، لتعرف قدر هذا الرجل وحقّه.
  وأورد له أيضا:
  يا مليك الملاح إن زمانا ... أنت فيه زمان روح وراح
  طاب شرب المدام فاشرب عساه هو ... يا صباحي يطيب وقت الصباح
  واسقنيها سقيت في فلق الفج ... ر على نغمة الطيور الفصاح
  لا تؤاخذ جفونه بفؤادي ... يا إلهي كلاهما غير صاح(٣)
  لم يسبق إلى معنى البيت الأخير قطّ فيما أعلم فهو من أبكار المخدّرات.
  وله أيضا:
  نسخت سحر بابل مقلتاه ... فتبنّى في فترة الأجفان
  في ربوع كأنهن جنان ... عطفت حورها على الولدان
  ورياض كأنهن سماء ... أطلعت أنجما من الأقحوان
  بين ورق كأنهن قيان ... ركّبت في حلوقهن مثاني
  وغصون كأنهنّ نشاوى ... يترقّصن عن خدود الغواني
  وأقاح كأنهن ثغور ... يتبسّمن في وجوه الجنان
  ونسيم الصّبا يصحّ ويعت ... لّ على برده وحرّ جناني
(١) السلافة ٣٢٤.
(٢) سلافة العصر ٣٢٥، أنوار الربيع ٤/ ١٣٥، نفحة الريحانة ٢/ ٣٥٤.
(٣) سلافة العصر ٣٣٢ - ٣٤١، أنوار الربيع ٤/ ١٣٦، نفحة الريحانة ٢/ ٣٥٠.