نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[177] أبو الحسين مهيار بن مرزويه الكاتب

صفحة 250 - الجزء 3

  سجعت وقد كشف الغطاء فأبصرت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجّع

  فغدت تغرّد فوق ذروة شاهق ... والعلم يرفع قدر ما لم يرفع

  فلأيّ شيء أهبطت من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوسع

  إن كان أرسلها الآله لحكمة ... طويت عن الفطن اللبيب الأروع

  وهبوطها إن كان خيرا خالصا ... لتودّ سامعة بما لم تسمع

  وتعود عالمة بكلّ حقيقة ... في العالمين فخرقها لم يرقع

  فكأنّها برق تألّق بالحمى ... ثم انطوى فكأنه لم يلمع⁣(⁣١)

  النفس الناطقة التي عبّر الرئيس عنها بهذه القصيدة على مذهبه تبعا لرأي المعلّم الأوّل أرسطا طاليس، جوهر مجرّد متعلّق بالبدن المستعد تعلق التدبير والتصرف ولا يحلّ في أجزائه لبساطته وهو حادث من واهب الصور بعد أن لم يكن ضرورة عند حدوث الصورة النوعيّة لعموم الفيض لكلّ حيوان جزئي باق بالتعلّق ما اعتدلت الأمزجة، فإذا فسد المزاج فارقته النفس ولحقت بعالم المجردات، أما فاضلة سعيدة حكيمة فتنال اللّذات العقليّة التي لا يعبّر عن نعيمها ولا يدخلها الملال والفتور كالجسمانية، أو شقيّة مظلمة بهيميّة فتبقى معذبة بالحسرة الشهوانية التي فاتتها وبما قصر بها عن إدراك الفاضلة، وإذا وجب بالفيض حدوث النفس لكلّ صورة مستعدة بطل انتقالها إلى جسم آخر لاستحالة نفس الصورة فبطل التناسخ، والمعاد الجسماني ثبت بالسمع من الصّادق، والبهائم متى فارقتها النفوس اتّصلت ببعض الاجرام السماوية وتخيّل لها اللّذات التي من شأنها كالأكل والوقاع، والرّوح بخار دخاني منبعه القلب، ويسري في العروق والشريانات إلى أجزاء البدن المعتدل، وعند جالينوس الروح حادث من الهوى المستنشق وهو يستحيل بتلك الكيفية.

  هذا خلاصة القول. واللّه أعلم.


(١) بعضها في وفيات الأعيان ٢/ ١٦٠ - ١٦١.