[178] أبو الغمر ناهض بن ثومة بن نصيح بن جهضم
  لنظرة من سليمى اليوم واحدة ... أشهى لنفسي من الدّنيا وما فيها(١)
  أقول: ليس حبّها من عمل الشيطان إن شاء اللّه تعالى، وهذان البيتان من شعر حماسة أبي تمام(٢).
  وقال المجنون ولا حرج عليه:
  فليت سليمى في المعاد ضجيعتي ... هنا أو هنا في جنّة أو جهنّم
  ولما سمع عمر بن عبد العزيز قول الأحوص:
  ستبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سريرة حبّ يوم تبلى السرائر
  قال: إن الفاسق لفي شغل عنها يومئذ وإنّما كانوا يريدون المبالغة فحسب.
  ومن شعر ناهض يهجو رجلا حارثيا جوابا عن قصيدة هجاه بها، وهجا الحارثي فيها قبائل قيس عيلان [من الطويل]:
  إلا يا اسلما يأيّها الطّلان ... وهل سالم باق على الحدثان؟
  أبينا لنا، حيّيتما اليوم، إننا ... مبينان عن مثل بما تسلان
  متى العهد من سلمى التي بتّت القوى ... وأسماء كان العهد منذ زمان(٣)
  فإن أنتما بيّنتما أو أجبتما ... فلا زلتما بالنبت ترتديان
  ولا زال ينهلّ الغمام عليكما ... يسيل الرّبى من وابل ودجان(٤)
  نظرت ودوني قيد رمحين نظرة ... بعينين إنسانا هما غرقان(٥)
  إلى ظعن بالعامرين كأنّها ... قرائن من دوح الكثيب ثمان(٦)
  لسلمى وأسماء اللتين أكنّتا ... بقلبي كنيني لوعة وضمان(٧)
(١) الأغاني ١٣/ ١٩٤.
(٢) لم أعثر عليهما في الحماسة.
(٣) بتّت: قطعت.
(٤) الوابل: المطر الشديد الضخم القطر. والدّجان بكسر الدال: الأمطار الكثيرة.
(٥) القيد بكسر أوله وسكون ثانية: القدر والمقدار. وغرقان: مثنى غرق؛ يقال: غرق في الماء: غار فيه ورسب.
(٦) الظّعن بضم الأول والثاني: ج ظعينة وهي الهودج فيه امرأة أم لا، وقيل: المرأة ما دامت في الهودج. والقرائن: المتماثلات المتكافئات. والدّوح: الشجر. والكثيب: التل من الرمل سمّي به لأنه انكثب أي انصبّ في مكان فاجتمع فيه، والجمع اكثبة وكثب وكثبان.
(٧) كنّ الشيء: ستره في كنّه وغطّاه وأخفاه.