[40] أبو الفضل جعفر بن شمس الخلافة أبي عبد
  ولعمري لقد أجاد وصف الدنيا أبو عبد اللّه بن شبل البغدادي(١) وأحسن ما شاء بقوله:
  صحة المرء للسقام طريق ... وطريق الفناء هذا البقاء
  بالذي نقتدي نموت ونحيى ... أقتل الداء للنفوس الدواء
  ما لقينا من غدر دنيا فلا كا ... نت ولا كان صبحها والمساء
  صلف تحت راعد وسراب ... كرعت منه مومس خرقاء
  راجع جودها عليه فمهما ... يهب الصبح يسترد المساء
  ليت شعري هلّا تمر به الأي ... أم أم ليس تعقل الأشياء
  من فساد يكون في عالم الكو ... ن فما للنفوس منها اتّقاء
  وقليلا ما تصحب المهجة الجس ... م ففيم الشفا وفيم العناء
  قبّح اللّه لذّة لشقانا ... نالها الأمهات والآباء
  نحن لولا الوجود لم نألم الفق ... د فإيجادنا علينا بلاء(٢)
  ولكن للّه المعري الذي لم يجن على أحدكما جني عليه، وماذا يصنع بشر ركب على الشهوة ولم يعلم حتى صار بين أنياب أم ذفر(٣) بلا مؤامرة ولا إذن.
  ولما كتبت هذه الأبيات خطر لي نظم هذين البيتين واستغفر اللّه العظيم:
  قد خرجنا إلى الوجود اقتسارا ... وكأنا من الخطوب نشاوى
  وتساوى الأحياء في الموت طرّا ... فلماذا في الرزق لا نتساوى
(١) هو أبو علي ابن الشبل البغدادي (في اسمه واسم أبيه خلاف سأذكره) كان شاعرا حكيما فيلسوفا طبيبا متكلما نديما ظريفا. توفي ببغداد سنة ٤٧٣ هـ وقيل ٤٧٤ ودفن بباب حرب. له ديوان شعر، من قصائده المشهورة القصيدة التي في رثاء أخيه، موجودة بتمامها في عيون الانباء في طبقات الأطباء، وفي معجم الأدباء.
ترجمته في: فوات الوفيات ٢/ ٣٩٣، كشف الظنون / ٧٦٦ و ٨١٣ وفيهما اسمه محمد بن الحسين ابن الشبل، عيون الانباء في طبقات الأطباء / ٣٣٣ وفيه اسمه الحسين بن عبد اللّه بن يوسف بن شبل، معجم الأدباء ١٠/ ٢٣ وفيه اسمه الحسين بن عبد اللّه بن يوسف بن أحمد بن شبل، الكنى والألقاب ١/ ٣١٩ وفيه اسمه الحسين بن محمد بن يوسف بن شبل، أنوار الربيع ٢ / هـ ٣٢٦.
(٢) فوات الوفيات ٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٣) في هامش الأصل: «من أسماء الدنيا».