نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[46] القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي جمال

صفحة 516 - الجزء 1

  والدي ¦ قلّده حسابا له فكتب إليه:

  يا ابن خير الأنام دعوة عبد ... عضّه حادث الزّمان بناب،

  إنّ هول الحساب عرّفني لو ... ن مشيبي في عنفوان شبابي؛!

  كلّما قلت صحّ يصبح طورا ... في ابتعاد، وتارة في اقتراب؛

  يدّني تارة ويذهب أخرى؛ ... فلكم جيئة له، وذهاب!

  كيف أقوى على الحساب بذهن ... ما خلا من تشتّت واضطراب؟

  فأقلني؛ يا نجل خير البرايا، ... وأعذني⁣(⁣١) من هول يوم الحساب!⁣(⁣٢)

  وقد ذكر في ترجمة القاضي أبي محمد أحمد بن ناصر بن عبد الحق⁣(⁣٣) أنه جمع ديوانه وسمّاه «قلائد الجواهر»⁣(⁣٤)، وكان القاضي صديقه وبينهما مشاعرة تضمّنها الديوان، وكانت حرفة الأدب أدركته أول مرّة ثم تنبّه له الحظ ولكن كإيماض البرق، ونبهة المنتشي، وما لبث أن سقاه الحمام كأسا هي قصارى من دار به الصباح والعشي، فإن السيد شمس المعالي أحمد بن الحسن بن المنصور استكتبه أيام إمارته لإنشاءه فأطرب إيجازه صادح البلاغة وأنشأه فحسده كما يحسد السهى الشمس بعض الكتاب فشاب شهد إقباله من سمّ حسده بالصاب فذوي غصنا، وأسخن فقده مقلة الأدب الوسنى:

  وجاد بالنفس إذ ضنّ البخيل بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود

  وحكى لي القاضي العلامة أبو محمد، أحمد بن ناصر: إن القاضي الحسن حين سرى السمّ في جسمه سري الغرام بالوامق، والنجم في الغاسق، استدعى الحكيم الماهر محمد صالح الجيلاني نزيل اليمن فأخبره الحكيم أن السمّ قاتل وإنه يعالجه بما يدفع سريانه القوي المزعج للروح فيعيش أياما فلم يتعالج، وشأن الكريم استحقار القليل.

  فمن غرر شعره، ومن للتبعيض في هذا البيان فشعره لجياد القوافي غرر هذه


(١) أقاله من منصبه: رفعه منه، وأعاذه: أنقذه وحفظه.

(٢) ديوانه ٢٣٣.

(٣) ترجمه المؤلف برقم ٢٣.

(٤) وتمامه «من شعر الحسن بن علي بن جابر» حققه أحمد بن محمد الشامي، ونشرته الدار اليمنية سنة ١٤٠٤ هـ / ١٩٨٣ م.