[47] الوزير أبو محمد، الحسن بن هارون بن
  حتى أوافقك، قال: السمع والطاعة لأمر سيدنا الوزير، ثم خشي الوزير أن ينصرف إذا أبطأ عليه فتقدم إلى البوّاب أن لا يخرج، فجلس طويلا ثم دعاه داعي الخلا فرأى أبوابه مقفلة والخلا الخاص غير مقفل وعليه ستر، فرفعه ليدخل فدفعه الفراش وقال: هذا خلا خاص لا يدخله غير الوزير، قال: فكيف أعمل، الأخلية مقفلة والبوّاب منعني الخروج، فأخري في ثيابي، فقال له: استأذن ليفتح لك أحدها، فكتب إلى الوزير: قد احتاج عبد سيدنا الوزير ماهك إلى بعض ما يحتاج إليه الناس ولا يحسن ذكره، والفراش منعني يقول لا تدخل، والبواب لا تخرج، وقد تحيّر العبد في الحال، والأمر في الشدّة، فإن رأى أن يفسح لعبده بعمل ما يحتاج في خلائه، والسلام.
  فلم يعلم الوزير ما أراد بالرقعة فعرف فضحك ورقع في ظهرها: يخيّر أبو سعيد أعزّه اللّه حيث يختار.
  فدفعها إلى الفراش، فقال: التوقيعات يقرؤها أبو العلاء كاتب الديوان، وأنا لا أكتب ولا أقرأ، فصاح ماهك هاتوا من يقرء في الدار صكوك الخرا فضحك فراش آخر وأخذ بيده وأدخله بعض الحجر فقضى حاجته.
  ومما ذكره غرس النعمة من نوادر المغفلين: إن عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه ابن العباس، بعث إلى ابن أخيه السفاح بمشيخة من أهل الشام يظرفه بعقولهم، فإنهم حلفوا ما علموا لرسول اللّه ÷ قرابة غير بني أمية حتى ولّيتم أنتم.
  وأخبار الوزير كثيرة.
  وولد بالبصرة ليلة الثلاثاء لأربع بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين، وتوفي يوم السبت لثلاث بقين من شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة في طريق واسط، وحمل إلى بغداد فوصلها ليلة الأربعاء خامس شهر رمضان، ودفن بمقابر قريش في مقبرة النوبختية، ¦.
  وما أحسن ما رثاه أبو عبد اللّه الحسين بن الحجاج - الآتي ذكره(١) -:
  يا معشر الشعراء دعوة موجع ... لا يرتجى فرج السلوّ لديه
  عزّوا القوافي بالوزير فإنها ... تبكي دما بعد الدّموع عليه
(١) ترجمه المؤلف برقم ٥٦.