نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[75] السيد العلامة ضياء الدين، أبو محمد، زيد

صفحة 155 - الجزء 2

  وأصبح الدهر من نتائج فكرته الذكيّة لأنباته قابسا، ولو ومضت برقة من أشعة علومه باليمن أضاءت قابسا، وأيقنا أنه المجد إذ ذقنا من حديثه العتيق، وتنزهنا من علومه بين رياض وردية ليس لها سواه شقيق، كم ردت فكرته عن ابن معين والواقدي فأروت الصادي، وكم قرّ بعينها من لامه على كثرة دورانه حتى العيس والحادي، إلى أدب يتكدّر بحسنه عيش الصفي، ويتمنى حبيب الطائي لو قيل سماعه طوي، وشعر كأنه عذبات البان، ومن لها أن يتحلى بعذباته التيجان، ودّته على أطواقها الورقا، وحسدته الرياض إذ حلاها إلى زهر الزرقا، فسجع المطوق بنسيبه، وثمرات الأوراق ما يجتنيه السامع من حلاوته وطيبه، وعلم لو رآه ابن باديس لاعترف لابن محمد، ولو أدركه النعمان لساح وترك الخورنق وتزهّد، ولقال: مالك أنا عبد هذا النبوي المحتد، ولودّ لو رآه أنه مات في المحنة أحمد، جمع علمي العقل والنقل وأجلى بطريق العود والعقل فأصبح وهو المجتهد المطلق، وكم رام شأوه أسيرا لبلاده فقصّر، وأما هو مخلق، فالمعالي إليه بعد هذا الكمال أشوق، من يعقوب إلى يوسف، ومن ادّعى بقيافته أنه يساويه فقل أحاديث القيافة زخرف، وألّف المجاز إلى حقيقة الإيجاز في علم البيان، كتاب يترك ابن أبي الأصبع بغير بنان، فاتباعه عليه يجتمعون، وكالفراش على نار سنائه يقعون، وأمّا أخلاقه فتترك برد النسيم أخلاقا، فهي أرقّ من عتاب جحظة والزمان، وألطف من شمائل مخضوب البنان، فمن شعره:

  أتراه يكتم ما تجن ضلوعه ... ويصح عن دين الغرام رجوعه

  صب ينم بما يكتم دمعه ... ويبث منه شجونه ويذيعه

  يجري العقيق من الدموع إذا سرى ... برق عليه فيستبين ولوعه

  لم يثنه قول العذول وقلّ من ... في الحب إن عذل المحب يطيعه

  يهدي له نشر الصبا في طيه ... عرفا تعطر من ذكاه ربوعه

  فيزيده وجدا إلى وجد كمن ... يشجيه نوح مطوق وسجوعه

  وبمهجتي من وجهت ألحاظه ... جيشا عليّ فلم تفل جموعه

  بدر يحف بليل شعر فاحم ... والبدر في الليل البهيم طلوعه

  أحوى لعاشقه الصبابة كلها ... وله من الحسن البديع جميعه

  إن فوقت أسهام لحظيه إلى ... صب فليس سوى الفؤاد صريعه

  ولربما لم تغن رب شجاعة ... من فتك ناظره الضعيف دروعه