أم هل أرى القصر المنيف معمّما ... برداء غيم كالرّداء رقيق؟

  وعلالي الدّير الّتي لولا الهّوى ... لم أرمها بعلايل وعقوق

  محمرّة الجدران ينفح طيبها ... فكأنّها مبنيّة بخلوق

  ومحلّ خاشعة القلوب تفرّقوا ... بالذّكر بين فروقة وفروق⁣^(⁣١)

  أغشاه بين منافق متجمّل ... ومناضل عن دينه زنديق

  وأغنّ تحسب خدّه إبريقه ... ما دام يسفح عبرة الإبريق

  يتنازعون على الرّحيق غرائبا ... يحسبن زاهرة كؤوس رحيق

  صدرت عن الأفكار وهي كأنّها ... رقراق صادرة عن الأبريق

  دهر ترفّق بي فوافى صرفه ... وسطا عليّ فكان غير رفيق

  فمتى أزور قباب مشرفة الذّرا ... فأرود بين النّسر والعيّوق⁣^(⁣٢)

  وأرى الصّوامع في غوارب أكمها ... مثل الهوادج في غوارب نوق⁣^(⁣٣)

  قال الثعالبي: ما وافيت نيسابور قافلا من سفر فرأيت الصوامع إلّا تذكرت هذا البيت واستأنفت التعجّب من حسن هذا التشبيه وبراعته وفصاحته.

  وله أيضا كان بعض الأصدقاء يستحسنها [من الوافر]:

  ألا عدلي بباطية وكأس ... ورع همّي بإبريق وطاس

  وعلّلني بشعر أبي نواس ... على روض كشعر أبي فراس

  وغيم مرسلات البرق فيه ... عوار والرّياض به كواسي

  ولاح لنا الهلال كشطر طرق ... على لبّات زرقاء اللّباس

  وقد سلّت جيوش الفطر فيه ... على شهر الصّيام سيوف باس⁣^(⁣٤)

  وله فيما يتعلّق بتشبيه هلال الفطر [من المنسرح]:

  جاءك شهر السّرور شوّال ... واغتال شهر الصّيام مغتال

  أما رأيت الهلال يرمقه ... قوم لهم إن رأوه إهلال؟

(١) فروقه وفروق: شديد الفزع.

(٢) النسر والعيوق: نجمان، مشرفة الذرا: عالية الذوائب.

(٣) يتيمة الدهر ٢/ ١٦١، كاملة في ديوانه ٢/ ٤٧٣ - ٤٧٤.

(٤) يتيمة الدهر ٢/ ١٧٨، كاملة في ديوانه ٢/ ٣٢٧.