القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[مالا يتم الواجب إلا به]

صفحة 108 - الجزء 1

  (قلت: ومن خصه بالوجوب جعل) إطلاق (ذلك) على المندوب (مجازاً).

  قال سعدالدين: لا نزاع في أنه يتعلق به صيغة الأمر حقيقة كانت أو مجازاً، وإنما النزاع في أنه هل يطلق عليه إثم المأمور به حقيقة، ولا خفاء في أنه مبني على أن أَمْر حقيقة للإيجاب، أو للقدر المشترك بينه وبين الندب، فلا ينبغي أن يجعل هذا مسألة برأسها. انتهى.

[مالا يتم الواجب إلا به]

  (مسألة: وما لا يتم الواجب إلا به) وكان داخلاً تحت قدرة المكلف (ولم يرد الأمر مشروطاً به) وكان غير سبب أيضاً (وجب كوجوبه) سواء جعله الشارع شرطا للفعل، وإن كان يتصور وجود الفعل بدونه عقلاً، أو عادة كالطهارة للصلاة أو لم يجعله شرطاً له لكنه يلزم فعله عقلاً كترك الأضداد في الواجب وفعل ضد في المحرم، أو عادة كإدخال جزء من الرأس في غسل كل الوجه وجزء من الساق في ستر الركبة، وجزء من الليل في الصيام.

  وقيل: لا يجب مطلقا، وقيل إن كان شرطاً شرعياً وجب، وإلا فلا فما اجتمعت فيه هذه القيود فهو محل الخلاف للاتفاق على أن ما لا يدخل تحت القدرة كتحصيل القدم للقيام والعدد المعروف للجمعة لا يجب وعلى أن الوجوب إذا كان مشروطاً بمقدمة لم تكن تلك المقدمة واجبة نحو، إن ملكت النصاب فزك، فلا يكون إيجاباً لتحصيل النصاب، وعلى أن الأسباب واجبة كالأمر بالقتل أمر بحز الرقبة مثلاً، والأمر بالإشباع أمر بالإطعام.

  لنا: أن المعلوم إنما لا يتمكن من الخروج عن عهدة الأصل إلا بذلك الذي يتوقف عليه ولا يحصل بدونه وهذا يقتضي وجوبه لأنه لو لم يجب لكان الأمر كأنه قال: افعل كذا حتماً، وأنت مخير في فعل ما لا يتم إلا به، وهذا يستلزم تكليف ما لا يطاق، أو نقض الحكم، وهو لا يصدر من حكيم، فاقتضى الأمر بالشيء الأمر