القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[فصل: في الأمر]

صفحة 110 - الجزء 1

  بالأمر إلى آخره.

  قلنا: قال سعد الدين لا خفاء أن النزاع في أن الأمر بالشيء هل يكون أمراً بشرطه وإيجاباً له؛ وإلا فوجوب الشرط الشرعي للواجب معلوم قطعا إذ لا معنى لشرطيته سوى حكم الشارع أنه يجب الإتيان به عند الإتيان بذلك الواجب كالوضوء للصلاة، كما أن الشرط العقلي معلوم أنه لازم قطعا، فعلى هذا لا نسلم أن الإتيان بالمشروط دون الشرط إتيان بجميع ما أمر به؛ وإنما يصح لو لم يكن الشرط مأموراً به بأمر آخر، وإن أراد الأمر المتعلق بأصل الواجب، فلا نسلم أنه إذا أتى بجميع ما أمر به تجب صحته، وإنما يجب لو لم يكن له شرط أوجبه الشارع بأمر آخر.

  قال الوالد أيده الله تعالى: ولصاحب التفصيل أن يجيب عن هذا الطرف بأنا فرضنا الكلام على تقدير انتفاء الأمر بالشرط، والأمر بما يتوقف المأمور به عليه عقلا، وذهبنا إلى التفصيل حيث ليس به إلا مجرد حكم العقل بالتوقف، ومجرد أخبار الشارع بالتوقف من غير إلزام لفعل الشرط وفرقاً بين مجرد حكم العقل ومجرد حكم الشرع بالتوقف، وأما مع الأمر بالشرط فذلك أمر آخر، وواجب مستقل، وليس ما قصدناه.

  مسألة: (وما منع الواجب من وجوده فهو قبيح)، فلو اشتغل بفعل غير الصلاة عند تضيق وقتها كان ذلك الفعل قبيحاً يأثم به، ولو طولب بدين وهو واجد فاشتغل بالصلاة ووقتها موسع كانت الصلاة قبيحة؛ لمنعها من فعل الواجب.

  هذا معنى كلام أصحابنا.

  قال #: ويرد عليهم سؤالان:

  الأول: أن يقال: ما وجه وصفكم للفعل الواجب المانع من الواجب بالقبح؟

  والقبيح إنما هو الإخلال بالواجب، وأما ذلك المانع فلا وجه يقتضي قبحه،