ترجمة: المصنف #
  ثابتة في الأزل دون القدم تحاشياً ودفعاً للإيهام.
  قلنا: فقد وقعتم فيما هو أشد، وكنتم كما قال:
  وكنت كالآوي إلى مثعب ... موائلاً من سَبَل الراعد
  والذي تقرر أن أصل هذا كله تشكيك الفلاسفة في التعلق، وأنه محال تعلق العلم والقدرة بالمعلوم، فأما هم فمثلوا السور وبنوا على هذا قدم العالم، وأما المعتزلة أعني جمهورهم، فقالوا: بل ذوات العالم ثابتة في الأزل ليصح تعلق العلم بها، وليست بموجودة ولا أعيانها، واصطلحوا على حقائق للذوات والأعيان والثبوت والوجود، وغير ذلك مما هو مشروح في علم الكلام، هذا هو الذي أداهم إلى المناقضات، والقول الطويل العريض في الذوات والصفات.
  نعم، أما تشكيك الفلاسفة قطع الله دابرهم في التعلق، فالجواب الحاسم هو ما نشاهده من الحوادث اليومية بالعِيان، وندركه بالوجدان، فلم تحتج في التعلق إلى الوجود في القدم، وثبت أنهم - في نظرهم - أضل من النعم، وقد تبين بالأدلة القاطعة إحداث العالمين، وإخراجهم من العدم المحض إلى الوجود المحقق اليقين، وقد اضطرتهم حتى عدلوا إلى إثبات العلل، وتأثير الإيجاب، وقد ردَّ الله ﷻ عليهم بقوله تعالى: {مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}[الكهف]، ومما نقض عليهم به في استدلالهم على ثبوت الذوات بالعلم، أنا نعلم بالنفي، كنفي الشريك، والمحال، ونحو ذلك مما لا يثبت، وأجيب بأجوبة ركيكة ليس هذا محلها، وهذه الفروق والاصطلاحات مما لا يعلم في الوضع اللغوي ولا الشرعي، سواء كان الوضع توقيفاً أو غيره، وكذلك خوضهم وتطرقهم بالأوهام في الأمور التي ضربت دونها حجب الغيوب، وتقحمهم في السدد التي حارت عندها الأفهام، وإن كان قد تؤول لهم بأنها عندهم أمور اعتبارية، واصطلاحات سابرية، ليست بأكثر من