القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[دخول المتكلم في عموم خطابه]

صفحة 132 - الجزء 1

  وفعل وافعل للمذكر خاصة.

  قالوا: لو لم يدخلنْ في هذه الصيغ، لما شاركنْ في الاحكام، لثبوت أكثرها بهذه الصيغ، وأنَّهنْ مشاركات بالاتفاق، كما في أحكام الصلاة والزكاة والصوم الثابتة بنحو {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ...}⁣[البقرة: ٤٣]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}⁣[البقرة: ١٨٣].

  قلنا: لا نسلم مشاركة النساء في تلك الأحكام بهذه الصيغ (فأما دخول النساء في عموم) ذلك، وفيما أشبهه مثل: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَبِنَقْلِ الشرع لحمل الصحابة والتابعين ذلك على الجنسين) وما المانع أن يشاركن بدليل خارجي ولكون الأمر كذلك لم يشاركن في مثل الجهاد والجمعة بقوله: {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٢١٨]، {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة: ٩]؛ لعدم الدليل الخارجي في ذلك.

  (ولا يبعد) فيما كان كذلك (تصيير القرينةُ له حقيقةً) شرعية في الجنسين (وهي كون القرآن خطابا لمن أمن) وهُنَّ ممن أمن قطعا فيشملهنّْ الخطاب بذلك من غير دليل من خارج لاقتضاء الوضع الشرعي ذلك، وإن كان الوضع اللغوي لا يقتضيه.

  واعلم أن هذا الذي ذكره المؤلف سبقه إليه صاحب الجوهرة.

  وقد يقال: لا نسلم إن ذلك يكون وضعاً شرعياً يقتضي شمول الخطاب لهنّْ فيكون حقيقة شرعية، وإنما هو إن سلم صلوح ذلك قرينة مجاز شرعي أو حقيقة عرفية إن سبق إلى الذهن من غير قرينة، وكيف يقتضي ذلك الوضع الشرعي مع أن الحكم إنما يشمل الجميع لدلالة زائدة على مجرد الخطاب.

[دخول المتكلم في عموم خطابه]

  (مسألة: المتكلم) نفسه إذا خاطب المكلفين بخطاب هو داخل في عموم متعلق خطابه، وهو الحكم الذي ورد فيه الكلام.