القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخلاف في التخصيص بالعادة]

صفحة 166 - الجزء 1

  المفروض أن المعتاد أكلهم البر والطعام باق على عمومه، وإذا كان كذلك وجب العمل به حتى يثبت تخصيصه بدليل والأصل عدمه؛ لأن الفرض أنه لم يوجد ما يتوهم كونه دليلاً للتخصيص سِوى عادتهم، وهي ليست بدليل.

  واعترض: بأن هذا الكلام إنما يصلح في مقام المنع دون الاستدلال؛ لأن النزاع لم يقع إلا في مثل هذا العرف، والعادة هل يدل على أن المراد بهذا العموم الخصوص أَوْ لا؟

  فقالوا: يتخصص بالمعتاد عرفا، كما يتخصص الدابة بذوات الأربع بعد كونه في اللغة، لكل ما يدب.

  (قلنا: إن) فرضنا أن الاسم قد (صار حقيقة فيه) بالغلبة، فإنه يختص به، (فلا عموم) وكان المخصص غلبة الاسم لا غلبة العادة، والفرض إنما وقع في غلبة العادة فقط.

  (وإلا) نفرض ذلك (فلا تخصيص)؛ لأن ذلك في الدابة ونحوها لتخصيص الاسم بذلك المسمى عرفا، بخلاف ما نحن فيه، فإن العادة في تناوله لا في غلبة الاسم عليه إذ المفروض ذلك.

  (مسألة: و) إذا كان الخطاب مركباً من جملتين:

  إحداهما: معطوفة على الأخرى، هل يجب إذا أظهر في الأولى شيء أن يضمر في الثانية إذا لم يظهر أَوْ لا؟ ثم إذا وجب ذلك، وكان هذا المضمر في الجملة الثانية مخصصاً لدلالة قامت فهل يجب أن يكون المظهر في الجملة الأولى مخصصاً بما خصت به الجملة الثانية أو لا؟

  الذي عليه الشافعي وأصحابه وهو المذهب: أنه (لا يخصص) العموم في الأولى (بتقدير ما) يخصص به ما (أضمر في المعطوف) وهو ما أظهر (مع العام المعطوف عليه خلافاً للحنفية) فإنهم يوجبون تخصيصه بذلك.