القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخلاف في التخصيص بالعادة]

صفحة 167 - الجزء 1

  ومثال المسألة (كقوله ÷ «ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» فالتقدير هنا) عند الحنفية ولا ذو عهد في عهده (بكافر حربي)، وإنما قدر بكافر لتزدوج الجملتان في الحكم؛ لأن حرف العطف يقتضي ذلك ولما كان الكافر المعاهد يقتل بالكافر المعاهد بالإجماع كان الكافر المنهي عن قتل المعاهد به هو الحربي فلذا قدر حربي أيضاً.

  (و) إذا كان (كذلك) وجب أن (يقدر في المعطوف عليه) حربي أيضاً فيكون الكافر الأول للحربي فقط لكون الثاني كذلك فيبقى الذمي داخلاً تحت قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥] (فيقتل المسلم بالذمي)، وهذا التقدير هو المذكور في كتب الأصحاب.

  وتقرير المنتهى وغيره أن عندهم الأول عام خص عنه الذمي بالنصوص الواردة في قتل النفس بالنفس، فاختص الحكم بالحربي، فيلزم أن يكون الثاني أيضاً، عاماً فلا يخص عنه شيء، إلا بدليل، وقد دل النص، والإجماع على قتل المعاهد بالذمي فاختص الحكم بالحربي أي لا يقتل ذو عهد بكافر حربي.

  وذكر في المحصول، وغيره أن عطف ما فيه العام على ما فيه المخصص، كما لو قيل: لا تقتل الذمي بكافر، ولا المسلم بكافر، هل يقتضي تخصيص العام؟

  فعندنا لا، وعندهم نعم.

  لنا: أن الموجب للعموم في المذكور والمقدر متحققٌ؛ لوقوع النكرة في سياق النفي، والمخصص موجود في الثاني وهو النص، والإجماع دون الأول فوجب القول بخصوص الثاني دون الأول.

  قالوا: لو كان الأول عاماً للذمي لكان المعطوف وهو قوله ولا ذو عهد في عهده أيضاً، كذلك ضرورة اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم وصفته، وليس كذلك؛ لأن الكافر الذي لا يقتل به المعاهد، إنما هو الحربي دون الذمي.