القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ما ألحق بالمجمل وليس منه]

صفحة 197 - الجزء 1

  فلولا أنه مبين لما كان كذلك، ذكر ذلك بعض العارفين.

  وقد يقال: إن ثبت ذلك عن أهل اللغة بطريق واضح أو بموافقة الخصم وإلا فلا حجة فيه فإن الخصم يزعم أنه لا يعد ممتثلاً ولا يسقط الذم.

  قالوا: إنه مجمل (إذ لا يعلم تقديره)، فإن قولنا: رجال يصلح للثلاثة والأربعة ولسائر الأعداد، وإذا صلح لذلك كان مجملاً، إذ ليس في اللفظ تعيين عدد مخصوص.

  (قلنا:) إنه وإن كان صالحاً لذلك فإنه يجب أن (يحمل على الأقل) المتيقن دخوله في الخطاب وهو ثلاثة، إذ الأصل براءة الذمة، فكان مثبتاً فيهم، واللفظ وإن احتمل ما فوق ذلك وأن يقصده المتكلم فإنه لا يضر، إذ قد يقصد ما يحتمله اللفظ، وإن كان ظاهراً في غيره كالمجاز وذلك واضح.

  مسألة: (وألحق بعض الحنفية) بالمجمل (قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}) [المائدة: ٦] والذي عليه أكثر العلماء أنه لا إجمال فيه.

  لنا: أنه لغة لمسح الرأس وهو الكل فإن لم يثبت في مثله عرف في إطلاقه على البعض اتضح دلالته في الكل ولا يحتمل البعض للمقتضي السالم عن المعارض كما هو مذهب طائفة من العلماء فلا إجمال، وإن ثبت عرف في إطلاقه على البعض خاصة - أي بعض كان - اتضح دلالته على البعض للعرف الطارئ ويحصل بأدنى ما ينطلق عليه الاسم كما هو مذهب بعض العلماء فلا إجمال أيضاً هذا معنى ما احتج به ابن الحاجب عليهم.

  قالوا: الباء متى دخلت في آلة المسح تعدى الفعل إلى المحل فتستوعبه دون الآلة نحو: مسحت رأس اليتيم بيدي، ومتى دخلت في المحل تعدى الفعل إلى الآلة فتستوعبها دون المحل كما في الآية فيقتضي مسح بعض الرأس (ولم يبين) بظاهرها القدر الممسوح إذ ليس المراد أقل ما ينطلق عليه اسم البعض لحصوله في