[تأخير البيان والتخصيص والتقييد عن وقت الحاجة]
  (الأخبار).
  (أبو الحسن الكرخي، وبعض الشافعية يجوز) التأخير (في البيان إذ لا يقطع المخاطب في المجمل بشيء معين) فلا يحمله الخطاب على اعتقاد جهل، إذ لا ظاهر له، فيعتقد (بخلاف التخصيص) ونحوه، فإن تأخيره يوجب حمل الظاهر على ظاهره (فيعتقد المخاطب العموم ونحوه)، والمراد به غير ظاهره لما في ذلك من التلبيس.
  (قلت: و) هذا القول (هو الأقرب) لما ذكروه.
  واعلم أن سعدالدين حكى أن مذهب الكرخي: أنَّ ما أفتقر إلى البيان إن كان مجملاً جاز تأخير بيانه مطلقا، وإن كان غير مجمل - وهو الذي يكون ظاهراً في معنى وقد أريد به غير الظاهر كالعام إذا أريد به الخاص والمطلق إذا أريد به المقيد وكالمنسوخ - جاز تأخير بيانه التفصيلي وامتنع تأخير بيانه الإجمالي مثل أن يقول هذا العموم مخصوص، وهذا المطلق مقيد، وهذا الحكم سينسخ، ولا يجب تفصيل ما خص عنه، وذكر الصفة التي قيد بها، وتعيين وقت النسخ.
  وهذا المعرف إلى الكرخي منسوب أيضاً إلى أبي الحسين، والمختار الجواز مطلقا.
  لنا: أن الصلاة ورد الأمر بها مجملاً ولم يزل صلى الله عليه وآله سلم يبين حكمها وصفتها بقوله وفعله بتدريج وكذلك الزكاة فإنه إنما بين تفاصيل الجنس والنصاب بتدريج، وأيضاً فإنه لما ورد قوله تعالى: {وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ} الآية [النساء: ٧]، بعث رسول الله ÷ إلى ابني عم أوس بن الصامت وقد مات عن إمرأته وثلاث بنات وكانا قد زويا ميراثه عنهن على طريقة أهل الجاهلية في عدم توريث النساء: «لا يفرقا من مال أوس شيئا فإن الله قد جعل لهن نصيبا حتى يبين» فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}[النساء: ١١]، فأعطى الامرأة