القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تأخير البيان والتخصيص والتقييد عن وقت الحاجة]

صفحة 210 - الجزء 1

  الثمن والبنات الثلثين وابني العم الباقي، ولنا أيضاً: قوله تعالى في المغنم {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} ... إلى قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى}⁣[الأنفال: ٤١]، ثم بين أن السلب للقاتل إما عموما على رأي وإما إذا رآه الإمام على رأي وبين أن ذوي القربى بنو هاشم أو هم وبنو المطلب على اختلاف الرأيين دون بني أمية وبني نوفل فهذا عام تأخر عنه بيانه إذ أورد من غير بيان تفصيلي وهو ظاهر ولا إجمالي إذ لو اقترن به لنقل ولأن الأصل عدمه.

  واعترضه المصنف بأن مصير السلب للقاتل غير مناف لوجوب الخمس فيه.

  وقد يمنع عدم المنافاة، بل لا خمس كما هو رأي أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، سلمنا فإن قوله: {أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ...}⁣[الأنفال: ٤١]، يدل على أن لجميع الغانمين أربعة أخماس من حيث أنه أضافه إليهم بقوله غنمتم فإذا أخرج الخمس علم أن الباقي لمن أضيف إليه التغنم وهو الجميع فجعل السلب للقاتل وحده تخصيص وإن خمس.

  وقولهم: لو جاز تأخير بيان المجمل لجاز الخطاب بالمهمل وهو لا يجوز اتفاقا؛ بيان ذلك أنه لو امتنع الخطاب بالمهمل لامتنع؛ لأنه غير مفهم، والفرض أن عدم الإفهام لا يصلح مانعا، وإلا لم يجز الخطاب بالمجمل.

  لا يقال: المجمل له معنى فيبينه أخِراً، والمهمل لا معنى له فافترقا؛ لأنا نقول الكلام فيما وضعه من المهملات مع نفسه من غير اصطلاح مع المخاطب فخاطبه مريدا ما وضعه له، ثم يبين مراده أخِراً مردود بأنه لا يلزم ذلك، وبالفرق بأن في المجمل نعلم أن المراد أحد مدلولاته، فيطيع ويعصي بالعزم على فعله وتركه إذا بين بخلاف المهمل فإنه لا يفهم منه شيء.

  وقولهم: لو جاز تأخير بيان العام ونحوه لكان المخاطب مُغرىً بالقبيح ومدفوعا إلى اعتقاد الجهل منقوض بالنسخ لأنه ظاهر في الدوام مع أنه غير مراد