[شروط النسخ]
  أي لعلهم بما أسلفوا من الكفر، فهم عالمون بأنهم على الباطل، ويوضح ذلك قوله ÷: «لو تمنوا الموت لغُصَّ كل إنسان منهم بريقه فمات مكانه ولما بقي على وجه الأرض يهودي» فلا منافاة بين ذلك وبين ليقض علينا ربك؛ لأنه في دار الآخرة، فلا دلالة على ما ذكره وذلك واضح.
  (مسألة: كثر ويجوز النسخ) للتكليف (إلى غير) تكليف آخر (بدل) عنه.
  (وقيل لا) يجوز من غير بدل.
  (لنا: جواز انقضاء المصلحة) في التعبد بذلك الحكم، (و) الحال أنه (لا بدل لها) معلوم قطعا فإنَّه لا مانع من ذلك عقلا ولا شرعا.
  (وأيضا) فإنَّه لو لم يجز لم يقع، وقد وقع (كنسخ وجوب الإمساك بعد الفطر).
  قال #: فإنه كان يجب على الصائم إذا أفطر بعد المغرب أن يمسك عن كل مفطر إلى آخر اليوم الثاني.
  وأجود مما قاله ما ذكره جارالله قال كان الرجل إذا أمسى جاز له الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة فإذا صلاها أو رقد ولم يفطر حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى القائلة. انتهى.
  ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ...} الآية [البقرة: ١٨٧]، من غير بدل.
  (و) من ذلك أنه نهى ÷ عن (ادخار لحوم الأضاحي) محرما ثم نسخه مبيحا بلا بدل، ومنه قوله تعالى {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}[المجادلة: ١٢]، أوجب الصدقة عند مناجاة الرسول ÷ ثم نسخ بلا بدل.
  أما ما احتج به المخالف من (قوله) تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}) [البقرة: ١٠٦] - ولا يتصور كونه خيرا أو مثلا إلا في بدل - فإنه لا يصلح حجة للخصم؛ لأنه (متأول) بأن المراد بلفظ خير منها في الفصاحة