القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حكم جواز النسخ الشيء قبل إمكان فعله]

صفحة 246 - الجزء 1

  فإن هذه الزيادة تبطل إجزاء الركعتين الأولتين لو اقتصر عليهما المصلي ويجب عليه استئناف ثلاث ركعات متواليات.

  و (إلا) يصر المزيد عليه دونها كالعدم (فلا) يكون ذلك نسخاً، وإن غيرت حكماً آخر (كزيادة عشرين في حد القاذف وزيادة التغريب)؛ إذ لا يجب استئناف، بل ضم الزيادة فقط.

  (أبو الحسن الكرخي وأبو عبدالله البصري بل) الزيادة (نسخ مطلقا إن تغير بها الحكم) أي حكم كان من إجزاءٍ أو غيره (في المستقبل فزيادة) عشرين في (حد القاذف ينقض إبطال شهادته بالثمانين)؛ لأن الحد الذي هو ثمانون قد كان حدا كاملا وكان رد الشهادة منوطا به، وبعد زيادة عشرين زال الكمال فلا ترد شهادة من حد ثمانين، فيكون نسخا وإن كانت هنا غيرت حكما آخر غير الإجزاء.

  واعلم أن هذا هو مذهب الحنفية بأسرهم على ما ذكره بعض أصحابنا وهو ظاهر المنتهى وشروحه وأن القول الأول إنما هو مذهب القاضي عبدالجبار.

  (أبو علي وأبو هاشم وبعض أصحاب الشافعي ليس) ذلك (بنسخ مطلقا).

  وربما احتجوا: بأن الزيادة على النص لم تَعْرُضْ لحكم النص بنفي ولا إثبات بل تناولت حكما مجردا فكما أن الزيادة المنفصلة لا تعد نسخا فكذلك هذه.

  (قلنا: إذا غيرت) الزيادة (إجزاء المزيد عليه) كزيادة ركعة في الصبح (فقد نسخته إذ هي) حينئذٍ (كعبادة أخرى) فيحصل حقيقة النسخ.

  وقيل: لأنه قد ثبت تحريم الزيادة عليهما ثم ارتفع بوجوبها، وكلاهما حكم شرعي، وقد ينازع في كون الإجزاء حكما شرعيا، وكذلك في ثبوت تحريم الزيادة بالشرع فقط.

  ويقال: ليست بنسخ لأنها رفع لحكم الأصل، هذا فيما لا يستقل.

  وأما زيادة عبادة مستقلة على ما قد شرع من العبادات المستقلة فليست نسخًا