[شروط التواتر]
  الواقع (وجب القطع باطراده بعد وقوعه) لأنه يكون حينئذٍ عاديا، إذ لا علة عندنا ولا ترتيب إلاَّ بإجراء الله تعالى عادته بخلق شيء عقيب آخر، ولو كان عاديا لأطرد كخبر المتواتر، (فيستلزم) الباطل، وهو (تَجْوِيزُ ألاَّ يُحْكَمَ بِشَهَادَتِهِم(١) مع كمالها للقطع بكذبهم حيث لم يفد خبرهم علمًا) لكن عدم الاطراد ضروري بالوجدان، إذ كثيرا ما نسمع خبر الأربعة ولا يحصل لنا العلم القطعي ولا يستلزم ذلك، لهذا فإن الشرع موجب للعمل بها مطلقا سواء أفادت الظن أَوْ لا، فاقتضى ذلك منع تجويز حصول العلم بخبرهم.
  قيل: ولأنه لو حصل بخبر أربعة لحصل بقول شهود الزنا فلم يحتج إلى التزكية.
  فإن قيل: مشترك الإلزام فإنه كما تجب التزكية في الأربعة يجب في الخمسة فلا وجه للجزم بعدم الحصول في الأربعة والتجويز في الخمسة.
  قلنا: الخمسة قد تفيد العلم فلا تجب التزكية، وقد لا يفيد، وما ذاك إلاَّ لكذب واحد لا أقل، فلابد من التزكية ليعلم عدالة الأربعة وصدقهم، بخلاف الأربعة، فإنه إذا كذب واحد منهم لم يبق نصاب شهادة الزنا.
  وقد يقال على الأول لو جوزنا حصوله بالخمسة كما قلتم وجب القطع باطراده إلى آخره لما قلتم فهو مشترك الإلزام، وعلى الثاني أن أمر الشهادة أضيق وبالتغليظ أجدر.
  المقام الثاني: عدم حصول العلم بخبر الواحد العدل.
  ولنا فيه إنَّا (لو جوزنا حصوله بخبر الواحد) لوجب القطع باطراده لما تقدم، (وجوزنا ارتفاع اللعان مع كمال شروطه)، بل لحكمنا بارتفاعه، (والشرع أوجبه مطلقا) من غير تقييد بعدم حصول العلم.
(١) أي: في الزنا. تمت منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٤٧٦.