[المرسل الخلاف في قبوله]
  كان الباقون ما بين عامل ومصوب، (ومنه قول البراء) بن عازب(١) (ليس كلما أحدثكم به سمعته من رسول الله ÷ إلاَّ أنَّا لا نكذب)، يعني أنه قد يقول قال رسول الله كذا من غير أن يسمعه منه بل رواه له من وثق به فلم يذكره، (وأرسل ابن عباس «إنما الربا في النسية»)؛ لأنه لما سئل هل سمعه من رسول الله ÷ قال: لا بل رواه لي أسامة(٢) (ولم ينكر) عليه إرساله، فكان إجماعا على تصويب الإرسال.
  وذكر محمد بن أحمد الطبري أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل، ولم يأت عنهم إنكار شيء منها، (و) من ذلك (قول النخعي) اعلموا أني إن سمعت الحديث من واحد عن ابن مسعود قلت حدثني فلان عن ابن مسعود،
(١) البراء بن عازب الأنصاري، الأوسي، أبو عمارة، صحابي جليل القدر، استصغر هو وابن عمر يوم بدر، وشهد أحداً وما بعدها وبيعة الرضوان، وشهد مع أمير المؤمنين الجمل، وصفين، والنهروان. توفي بالكوفة بعد التسعين. (لوامع الأنوار لوالدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # / ٣/ ٦٧).
(٢) أسامة بن زيد بن حارثة القضاعي، الكلبي نسباً، الهاشمي ولاءً، أبو زيد المدني، كان مولى لخديجة بنت خويلد. قلت: أي أبوه. قال: فوهبته للنبي ÷ وهو ابن ثمان، وكان يدعى زيد بن محمد، فنزل: {ادْعُوهُمْ لِأبَائِهِمْ}[الأحزاب: ٥]. قلت: وغيرها، كقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ}[الأحزاب: ٤٠]، وقد يتعلق بها غلف القلوب، من طغام النواصب، الذين لا يفهمون التنزيل، ولا يفقهون التأويل، والآية واضحة في نفي نسبة رجالهم إليه، لا نفي رجاله وذريته وعترته وأبنائه، بصريح الكتاب، في قوله ø: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}[آل عمران: ٦١]، ودعا الحسنين، بإجماع الأمة؛ وبمتواتر السنة المعلومة. ومثل هذا الكلام، لا يصدر إلا عن جهلة الأنام، الذين هم أشبه شيء بالأنعام، ولا يتجاسر أن يتفوه به من له أدنى مسكة من الإسلام. قال السيد الإمام: وأمه أم أيمن، وكان النبي ÷ أمَّره على جلّة المهاجرين.
قلت: وذلك في بعث أسامة المشهور، الذي بعثه رسول الله ÷ قبيل الوفاة، وشدد في تنفيذه غاية التشديد وتوعّد على التخلف عنه نهاية الوعيد؛ وكان في جملته أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وغيرهم، من المهاجرين والأنصار، غير أهل بيت النبوة؛ وتخلف المذكورون عن الجيش، وكان من أمر السقيفة ما كان؛ وجميع ذلك معلوم للأنام، متفق على نقله بين أهل الإسلام. توفي سنة أربع وخمسين للهجرة. (تمت من لوامع الأنوار. لوالدنا ومولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # /٣/ ٤٨ - ٤٩).