القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[المرسل الخلاف في قبوله]

صفحة 296 - الجزء 1

  (وإن سمعت من جماعة قلت قال ابن مسعود)، فنصَ على أنه كان يرسل.

  فإن قيل: لو كان كما ذكر لكان المخالف خارقا للإجماع فيكفر أو يخطأ قطعا وليس كذلك.

  قلنا: كون المخالف خارقا مكفرا أو مخطأ قطعا إنما هو في الإجماع المعلوم ضرورة، فأما الثابت بالاستدلال، أو بالأدلة الظنية فلا.

  ولنا أيضا: أن الأدلة الدالة على التعبد بخبر الواحد لم تفصل بين المسند والمرسل.

  وقد يقال: لا نسلم الإجماع المدعى، ويمنع عدم إنكار إرسال ابن عباس، فلعلهم اكتفوا عنه بإنكار حديثه فإنهم ردوه، ولم يقبلوه، كيف ولو صح قبول تلك الأحاديث التي جعلتم قبولها حجة لم تُفِدْ، إذ أكثر ما تُثْمِر الظن؛ لأنها أحادية لم تتواتر لنا عنهم، والمسألة أصولية لا يكتفي في إثباتها بالظن.

  فإن قيل: المسألة العلمية وسيلة إلى العمل فيكفي فيها الظن.

  قلنا: جميع مسائل الأصول كذلك، وقد منعوا فيها الاكتفاء بالظن، وإنما ذلك فيما يتعلق بكيفية العمل بالذات كمسائل الفقه على أنه لو ثبت ذلك لم يثمر المطلوب؛ لأن الساكت إنما لم ينكر لأن المسألة اجتهادية، وسكوته لا يدل على الموافقة لما سنبينه إن شاء الله تعالى، ولو سلم فإنما هو إجماع على قبول مراسيلهم فقط؛ لأنه حدث في الناس من التساهل في رواية الحديث ما لو رآه الصحابة والتابعون لبحثوا أشد البحث فمرسل غيرهم لا يثمر الظن الراجح، فلا يكون حجة، فإن المسند وهو أعلى رتبة، إنما يقبل حيث أثمر الظن القوي.

  قالوا: لو قبل المرسل لقبلت رواية المجاهيل، إذ هو رواية عن مجهول، لكنها لا تقبل، فلا يقبل.

  قلنا: الظاهر أنه لا يرسل، إلاَّ عمن عرف عدالته، وإلاَّ كان قد أغرى السامع