القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[رواية فاسق التأويل وكافره]

صفحة 298 - الجزء 1

  وقد قيل في حده هو من يقر بجملة الإسلام مع ارتكاب ما يوجب الفسق لشبهة طرت عليه، فلولا الشبهة لكان فسقا صريحا، إلاَّ أن فيه دورا، فلو قيل مع ارتكاب كبيرة لكان أشبه.

  (و) مثله في قبول روايته (كافرهُ⁣(⁣١)) كالمشبه لله تعالى والمجبر، عند من يجعل الجبر كفرا.

  وقيل: فيه هو من يقر بجملة الإسلام، ويرتكب لشبهة ما يوجب كفره الصريح لولا هي، وفيه دور وإنما قلنا بقبول روايتهما (لقبول الصحابة رواية بعضهم من بعض مع) قيام (الفتنة الناشئة) فيما بينهم، والقطع من إحدى الطائفتين بفسق الأخرى، للبغي عليها، فلم ينقل عن أحد منهم في تلك الحال إطراح رواية أحد من الطائفة الأخرى، ولا إنكارها، فكان إجماعا على ذلك.

  وهذا الدليل إنما يتأتى في حق فاسق التأويل فقط، إذ الباغي فاسق متأول، ولم يكن حينئذٍ كافر تأويل، فيحتج، بما كان من قبول خبره.

  وقد يقال: لا نسلم القبول إجماعا.

  وإن سلمنا فلا نسلم الإجماع على أن ذلك فسق تأويل، حتى يلزم الإجماع على قبول رواية فاسق التأويل، فإن كثيرا منهم، كان يعد ذلك من المسائل الاجتهادية.

  وأنت تعرف أن التفسيق منها على مراحل.

  (و) لنا أيضاً أن المعتبر في قبول الرواية هو الظن، فيجب قبول رواية فاسق التأويل، وكافره، (لحصول الظن بصدقه إذ) يعرف منهم الأمانة، والتدين، والتحرز عن الكذب، وعن سائر محظورات دينهم، وأيضا فإن (من يعتقد الكذب


(١) وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الكفر غير متعمد كالمُشَبِّة. اهـ [ح غ /٢/ ٦٩].