القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الرواية للحديث بالمعنى]

صفحة 303 - الجزء 1

  والذي قاله ÷ واحد قطعا، والباقي نقل بالمعنى، وتكرر ذلك وشاع وذاع، ولم ينكره أحد، فكان إجماعا على جوازه عادة.

  ولنا أيضا: أنه روي عن ابن مسعود وغيره أنهم قالوا قال رسول الله ÷ كذا أو نحوه، وذلك تصريح بعدم تذكر اللفظ بعينه، وأن المروي هو المعنى ولم ينكر عليهم أحد فكان إجماعا.

  ولنا أيضاً أنه أجمع على جواز تفسيره بالعجمية، فالعربية أولى.

  قالوا: تجويز ذلك يؤدي إلى الإخلال بمقصود الحديث، فإنا نقطع باختلاف العلماء في معاني الألفاظ، وتفاوتهم في تنبه بعضهم على ما لا يتنبه له الآخر، فإذا قدر النقل بالمعنى مرتين أو ثلاثا، ووقع في كل مرة أدنى تغير حصل بالتكرر، تغيير كثير، واختل المقصود بالكلية.

  الماوردي في العدول إلى غير لفظه ÷ مع عدم النسيان له، تهاون بلفظه، وتبديل لغير غرض، فيقبح لا مع النسيان، إذ لا يحصل المقصود من تأدية المعنى، إلا بذلك الفارق، إنما فرق بين العلمي والعملي؛ لأن المعنى في العملي إنما يؤخذ باجتهاد وظن فلا يؤمن الخطأ فيه، إذ الظن يخطئ ويصيب، بخلاف العلمي، إذ يعلم المراد منه، ولا يجوز أن يكون غير ما تيقناه.

  المفصل الآخر إذا كان المعنى متحدا، لم يتطرق إلى نقله بالمعنى الإخلال بالمقصود، بخلاف ما إذا كان متعددا.

  (قلنا:) ليس شيء مما ذكرتم يقاوم واحدا مما ذكرنا، كيف (و) نحن نعلم أن (القصد) في التخاطب إنما هو المعنى ولا عِبْرةَ، باللفظ وهو يحصل (تأدية المعنى) بذلك كما يحصل بغير اللفظ (فيجوز) حينئذٍ نقله بالمعنى مع المعرفة بمواقع