[تعارض الخبران من كل وجه]
  لا يعلم مخالف في ذلك بل لو خالف مخالف في ذلك لم يعبأ بخلافه فإن ذلك مكابرة وبهت.
  هذا تحرير ما يقصده الأصحاب وخلاصة ما يمكن توجيه كلامهم به في هذا الباب.
  ولا يخفى أنه غير ملائم لما ذكروه في مسألة قبول رواية فاسق التأويل من عدم إنكار أي الطائفتين ما يرويه من هو في جانب الأخرى، وقد علم مما قلناه أن قولهم لأن الفاسق غير معين ظاهر السقوط والتهافت، وأن قائله جاهل فيعرف، أو يعرض عنه لأنه مباهت.
[تعارض الخبران من كل وجه]
  (مسألة: إذا تعارض الخبران من كل وجه) بأن يتضمنا حكمين متنافيين ليس بينهما عموم وخصوص، ويجهل التاريخ (رجع إلى الترجيح)(١) بينهما إن أمكن وذلك أن يقترن بأحدهما ما يقتضي أنه أقوى، وإلا فالاطراح، أو التخيير كما مر.
  (و) الترجيح (وجوهه) كثيرة، وستجيء مفصلة إن شاء الله تعالى في بابها، إلا أنه # ذكر منها هاهنا شيئا، وكأنه بنى أولا على عدم إفراد باب للترجيح، كما يفعله بعض العلماء، فذكر في كل باب ما يناسبه من التراجيح، ثم وضع لها بابا
(١) قال الإمام المهدي لدين لله أحمد بن يحيى المرتضى # في كتاب منهاج الوصول إلى معيار العقول. قلت: وينبغي، أولاً أن نبين معنى التعارض وهو أن يرد خبران يتضمنان حكمين، يتعذر العمل بهما، وليس أحدهما أولى من الآخر في باب وجوب العمل، فكل خبرين هذا حالهما فإنهما يعدان متعارضين، وذلك يتم بشروط ثلاثة: أحدهما: أن يتناول كل واحد منهما نقيض ما يتناوله الآخر من العموم، أو خصوص، إذ لو اختلفا في ذلك لم يتعارضا. ثانيها: أن يتناول كل واحد منهما نقيض ما يتناوله الآخر، إما بإثبات، أو نفي أو لمضادة إذ لو لم يكونا نقيضين لم يتعاضا. وثالثها: أن لا يعرف تاريخ كل واحد منهما، أو يتحد وقتها. فمتى أجتمعت هذه الشروط حكم بتعارض، فرجع إلى الترجيح كما ذكرنا. فإن لم يكن، ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك ممنوع، أعني تعارض الخبرين، الظنيين، على وجه لا يمكن ترجيح أيهما. وهذا قول أبي الحسين، ومن تابعه. الثاني: أنه يمكن، ويطرحان. الثالث: أنه يمكن، ويخبر المجتهد في الأخذ بأيهما. (أهـ ص ٥٤٤ - ٥٤٥).