القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[طرق رواية غير الصحابي]

صفحة 353 - الجزء 1

  على الوجوب).

  وقال (الشافعي) بل يحمل (على الندب).

  وقال قوم ورواه الرازي عن (مالك) بل يحمل (على الإباحة).

  (لنا) أن فعله ÷ لا يدل على حكم من الأحكام، و (من شرط التأسي) به في الفعل أن يعرف حكمه؛ ليكون (إيقاعه على الوجه الذي فعله) عليه.

  بيان ذلك: أنا إن قلنا بجواز الصغيرة عليه، تردد الفعل بين القبح والحسن، وإن لم نقل بذلك، فوجوه الحسن مترددة بين وجوب وندب وإباحة وكراهة تنزيه، فإلى أيها يعمد، وبأيها يتشبث ويقصد فليس إلا الوقف، (فلا يلزمنا) التأسي به حينئذٍ (ما لم) يظهر الوجه و (نعلمه).

  احتج أهل الوجوب بقوله {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ ...} الآية [الأحزاب: ٢١].

  قلنا: إن معنى التأسي إيقاع الفعل على الوجه الذي فعله من أجله، فيتوقف إثبات الوجوب علينا على العلم بالوجوب عليه، وهو خلاف المفروض.

  وقال أهل الندب، هو إما للندب أو للوجوب أو للإباحة؛ لانتفاء المعصية، والوجوب باطل؛ لأنه يستلزم التبليغ دفعا للتكليف بما لا يطاق، والفرض ألا تبليغ؛ لأن الكلام فيما إذا وجد فيه مجرد الفعل وكذا الإباحة، لقوله {لَّقَدْ كَانَ}، في معرض المدح ولا مدح على المباح فتعين الندب وهو المطلوب.

  قلنا: إن وجوب التبليغ يعم الأحكام، فلو انتفى الوجوب لذلك لا نتفي الندب والإباحة، فدليله مقلوب عليه، وأيضا فلم يذكر في الآية إلا حسن الأسوة، وقد علمت أن المباح حسن.

  واحتج أهل الإباحة بأن قالوا إن الإباحة متحققة لانتفاء المعصية، والوجوب والندب لم يثبتا لعدم الدليل، وإثبات ما هو المتحقق ونفي ما لم يتحقق هو الواجب.