[تعريف علم الأصول الفقه الاصطلاحي]
  موضوع للعلم الحاصل بالاستنباط.
  ومن يرى أنه ليس علما عن الأدلة؛ لأن حصول العلم عن الأدلة مشعر بكونه بطريق الاستدلال، إذ الحاصل بطريق الضرورة يكون معها، لا عنها فإنه لا يحتاج إلى زيادته، لخروج علمهما أيضا بدونه.
  وهاهنا بحث وهو: أن الفقه من باب الظنون، فكيف أطلق عليه العلم.
  وأجيب بوجهين: أحدهما: أن العلم هاهنا بمعنى الاعتقاد الراجح.
  ثانيهما: أن المراد به ما يقابل الظن، وإنما أطلق على الفقه لإفضاء الظن إلى اليقين؛ وذلك لأن الشارع جعل ظن المجتهد مناطا للأحكام وعلة لها، كما جعل ألفاظ العقود علامة عليها، وأسبابا لثبوتها، فمتى تحقق ظنه بالوجدان عُلِمَ قطعا ثبوت ما نيط به إجماعا، بل ضرورة من الدين، فقد أفضى به ظنه إلى العلم بالأحكام أنفسها، وعلى هذا لا يدخل اعتقاد العامي المقلد حتى يخرج بقيد التفصيل؛ لأن ظنه لا يفضيه إلى علم إذ لم ينعقد إجماع على وجوب إتباعه لظنه، بل انعقد على خلافه، وإنما يتأتى دخوله وخروجه بذلك حيث حملنا العلم على الاعتقاد الراجح.
  وفي الحد بحث آخر: وهو أن الدليل كما فسره المصنف يختص بالقطعي فيلزم من ذلك أن تكون الأحكام المعلومة عن الأمارات خارجة عن الفقه، ولا نزاع في دخولها، بل قد صرح بعضهم بخروج الأحكام المعلومة من الأدلة القطعية عن الفقه، وإليه أشار ابن الحاجب وغيره، حيث قالوا أريد بالأدلة الأمارات، لأنهم يقولون إن الدليل يعم القطعي والظني، إلا أن إطلاقه على خصوصية الأمارة مجاز أيضا، يحترز عنه في التعريفات.
  ووجه إخراج ما علم من الأدلة القطعية عن الفقه، إما أن الأدلة اللفظية لا تفيد إلا ظناً كما ذهب إليه بعض، وكذا ما يتفرع عليها من الإجماع أو القياس.