القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعريف علم الأصول الفقه الاصطلاحي]

صفحة 35 - الجزء 1

  وإما أن يقال كل ما عليه دليل قطعي من الأحكام، فهو مما علم من الدين ضرورة، فلا حاجة له إلى ذلك الدليل، فيكون خارجا عن الفقه حينئذٍ؛ للاتفاق على أن ما عُلِمَ ضرورة لا يكون جزءا من الفقه.

  ويمكن أن يجاب عن أصل هذا البحث، بأن الوجه في تسمية الظن علما هو الوجه في تسمية الأمارة دليلا وفيه بُعد.

  واعلم أن المراد هو العلم بجميع الأحكام⁣(⁣١) بمعنى التهيؤ القريب المختص بالمجتهد، وهو أن يكون عنده ما يكفيه في استعلامه بأن يرجع إليه فيحكم، وعدم العلم في الحالة الحاضرة لا ينافيه، لجواز أن يكون ذلك لتعارض الأدلة أو لعدم التمكن من الاجتهاد في الحال لاستدعائه زمنا، وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ شائع في العرف، فإنه يقال: لفلان عِلُمُ النحوِ، ولا يراد أن مسائلة حاضرة عنده على التفصيل بل أن عنده ما يكفيه في استعلام مسائله بأن يرجع إليه مستخرجها، وهذا ما يقال إن العلم عبارة عن ملكة بها يقتدر على إدراكات جزئية، وإن وجه الشبه بين العلم والحياة كونهما جهتي إدراك.

  (و) أما حده باعتبار كونه علما - وكان الأولى تقديمه؛ لأنه المقصود الأصلي⁣(⁣٢)، وأما اعتبار الإضافة فهو مع تقدمه وجودا مذكور هاهنا تبعا - فقال أبو الحسين (أصول الفقه: هي طرقه على جهة الاجمال وكيفية الاستدلال بها، وما يتبع الكيفية) فقوله طرقه كالجنس، والطريق لغة السبيل تذكر وتؤنث، تقول


(١) أي بكل الأحكام الشرعية العملية التي قد ظهر نزول الوحي بها والتي انعقد الإجماع عليها من أدلتها مع ملكة الاستنباط الصحيح منها. تمت التنقيح ص ١٧.

(٢) قد سبق الإمام المهدي # على تقديم الإضافي صاحب التنقيح، وقال سعدالدين في شرحه له أن بعضهم قدم اللقبي نظراً إلى المعنى العلمي وهو المقصود في الأعلام وأنه من الإضافي بمنزلة البسيط من المركب والمصنف يعني صاحب التنقيح قدم الإضافي نظراً منه إلى أن المنقول عنه مقدم وإلى أن الفقه مأخوذ في التعريف اللقبي فإن قدم تفسيره أمكن ذكره في اللقبي. تمت من هامش المخطوطة [أ].